La France met en garde contre le pourrissement au Liban

كتب ميشال بو نجم في الشرق الاوسط

تتسارع التحضيرات في باريس للقاء الرباعي المرتقب مبدئيا بعد ثمانية أيام في العاصمة الفرنسية التي سبق لها أن استضافت عدة لقاءات للنظر في الفراغ المؤسساتي والدفع باتجاه انتخاب رئيس جديد للجمهورية في إطار حزمة متكاملة تشمل أيضا الإصلاحات الواجب القيام بها من أجل إخراج لبنان من دوامة الإهتراء والتحلل. وسيشارك في اللقاء المرتقب باتريك دوريل، مستشار الشرق الأوسط والعالم العربي في قصر الأليزيه وبرباره ليف، مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ونزار العلولا، المستشار في الديوان الملكي السعودي ومحمد بن عبد العزيز الخليفي، مساعد وزير الخارجية القطري. وتجدر الإشارة الى أنها المرة الأولى التي تشارك فيها قطر في هذه المجموعة التي تعمل على عدة مستويات، أحدها مستوى وزراء الخارجية للدول الثلاث الأولى والتي تضمن بيانها المشترك الصادر من نيويورك، في سبتمبر/أيلول الماضي، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، رؤيتها للحل المتكامل في لبنان وتصورها لمواصفات الرئيس العتيد وأولى مهماته، وفق البيان، « توحيد الشعب اللبناني والعمل مع الجهات الإقليمية والطولية لتجاوز الأزمة الحالية » وصولا الى تشكيل حكومة « قادرة على تطبيق الإصلاحات السياسية والإقتصادية وخاصة تلك المتعلقة بصندوق الدولي » باعتبار ان التوقيع على الاتفاق مع الصندوق المذكور سيكون بمثابة « الخاتم السحري » لفتح الباب امام وصول الدعم الدولي لوقف الإندفاع الى الهاوية والمساعدة على إنهاض الوضع الاقتصادي.

وتجدر الإشارة الى أن الرئيس الفرنسي الذي سعى منذ عامين ونصف من أجل إيجاد « سترة نجاة » تجنب اللبنانيين الغرق تماما، وعد قبيل نهاية العام الماضي ب »مبادرات » قال إن إحداها قد تكون على شاكلة مؤتمر « بغداد 1″ و »بغداد 2 » أي أن تضم اللاعبين الإقليميين المؤثرين.  والحال، وفق مصدر سياسي فرنسي، أن الغائب الأكبر من اجتماع باريس كما من الإجتماعات السابقة سيكون إيران التي يعي الجميع أن لها دورا رئيسيا مؤثرا على العملية الانتخابية في لبنان من خلال حزب الله الذي وضع « مواصفات » الرئيس الذي يريده. وكانت فرنسا تلعب دور صلة الوصل مع طهران فيما سفيرتها في بيروت آن غريو على تواصل مع مسؤولي حزب الله. بيد أن الوضع اليوم تغير إذ أن العلاقات الفرنسية ــ الإيرانية دخلت مرحلة من التوتر المتصاعد الذي انطلق مع استقبال الرئيس ماكرون لأربع نساء بارزات في الحراك الاجتماعي في إيران ولكن أيضا من خلال وصفه ما يجري هناك ب »الثورة ». ثم زادت العلاقات سوءا بسبب ملف الرهائن الفرنسيين السبعة المحتجزين في إيران والذين تعدهم باريس « رهائن دولة ». وحتى اليوم، ترفض طهران الإفراج رغم المناشدات والإتصالات المتكررة مع المسؤولين في طهران. يضاف الى ما سبق ملفان آخران: الأول، النووي الإيراني والثاني الدعم العسكري الذي توفره طهران لروسيا في حربها على أوكرانيا. والخلاصة، وفق المصدر السياسي المشار إليه، أن اللحظة الراهنة « ليست الأفضل » لتجاوب طهران في الملف اللبناني علما أن « المقابل » الذي تريده غير معروف.

اللافت أن باريس تبدو الأكثر قلقا إزاء تطورات الوضع اللبناني لا بل إن أحد المسؤولين الفرنسيين لم يتردد في القول إنه « إذا لم تتحرك فرنسا فمن الذي سوف يتحرك » لإنقاذ لبنان؟ ومساء الجمعة، أكد مصدر رسمي فرنسي هذا التوجه بقوله: » نحن متعلقون بلبنان وخيار التخلي عنه ليس واردا ». والتشخيص الذي قدمه هذا المصدر مغرق في التشاؤم إذ اعتبر أن الوضع « خطير جدا » محذرا من « مخاطر التعفن » ومن « سيناريو الذهاب الى المجهول » ومن تحول لبنان الى « دولة فاشلة ». وتشخص باريس الخطر المحدق بلبنان بأنه « استثنائي » في ظل أزمة رئاسية وحكومية ومالية واقتصادية واجتماعية وقضائية وعجز البرلمان اللبناني عن انتخاب رئيس جديد والوصول الى حكومة جديدة قادرة على التعامل مع الوضع المتهالك وخصوصا السير بالإصلاحات المطلوبة من الأسرة الدولية. ويختصر المصدر الرسمي قراءته للوضع اللبناني ب »الحاجة لإعادة تشكيل السلطات » كممر إلزامي لعودة المؤسسات الى القيام بمهماتها الأساسية.

بيد أن باريس لا تخفي قلقها من قدرات حزب الله الذي ترى في قوته العسكرية « تحد لأمن واستقرار المنطقة » وهي تعي أن السلطات اللبنانية غير قادرة على ضبطه. من هنا، فإن المصدر المشار إليه يرى أن « الحد من نفوذ الحزب يمر عبر تعزيز الحضور في لبنان ودعم القوى الإصلاحية والسيادية والعمل على إصلاح الاقتصاد ». ومرة أخرى، يكرر المصدر ما أصبح « لازمة » في الخطاب الدولي الخاص بلبنان وهي الربط بين الإصلاحات والدعم الدولي.

هذه القراءة المتشائمة الصادرة عن فرنسا التي لم توفر جهدا لمساعدة لبنان من خلال المؤتمرات التي رعتها لتوفير الدعم الإنساني للبنانيين وللمؤسسات الرئيسية كالمدارس والمستشفيات، ليست جديدة لكنها قرع لناقوس الخطر ومحاولة لتعبئة الأسرة الدولية. إلا أن المشكلة أن الأطراف الأربعة التي ستجتمع في باريس، رغم توافقها على المبادىء العامة {ملء الفراغ المؤسساتي، دعم سيادة واستقلال لبنان …} إلا أن ترجمتها الى قرارات ملموسة ومباشرة لا تبدو متيسرة خصوصا أن إعادة إنتاج عهد جددي على غرار العهد السابق لن يحل المشكلات اللبنانية بل سيزيدها تأزيما. ولعل المفيد في الحراك العربي ــ الدولي أنه يشكل وسيلة ضغط على الطبقة السياسية اللبنانية شرط أن تكون مقاربتها واحدة وأن تدفع كافة أطرافها في الإتجاه نفسه.