Un duel télévisé houleux entre Macron et Le Pen, et le premier est sorti « victorieux », article par Michel BOUNAJEM, correspondant AlShareq Al Awsat.

Michel Bounajem, directeur du bureau parisien du quotidien arabophone Asharq Al Awsat.

Deux visions opposées se sont affrontées, et l’actuel président a accusé son adversaire de « déclencher une guerre civile » à cause de sa proposition d’interdire le voile.

       أكثر من خمسة عشر مليون مشاهد تسمروا في فرنسا أمام شاشات التلفزة لمتابعة المناظرة التلفزيونية الوحيدة ليل الأربعاء ــ الخميس التي دامت ساعتين ونصف بين الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن قبل ثلاثة أيام من الجولة الثانية الحاسمة التي ستحدد هوية الرئيس {او الرئيسة} للسنوات الخمس القادمة. يضاف الى ذلك أعداد غير معروفة من الأشخاص الذين تابعوا المناظرة أو بالأحرى « المبارزة » بين المرشحين من خلال الإذاعات أو الأنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي الأمر الذي يعكس أهميتها الخاصة لاجتذاب الناخبين المترددين إن في التوجه الأحد القادم الى مراكز الإقتراع أو أولئك الذين ما زالوا مترددين في اختيار المرشح الذي سيصوتون له. وبالنظر لتقارب نسب التصويت المرتقبة في الدورة الثانية {والأخيرة} كما تبينها استطلاعات الرأي المتواترة، فإن أي ضعف أو خطأ تكتيكي في  مقاربة هذا الإستحقاق الديموقراطي الرئيسي من شأنه التأثير على. نتائج الانتخابات. وما زال ماثلا في الأذهان أن مناظرة العام 2017 بين ماكرون ولوبن بينت ضعف برنامج الأخيرة وعبثية بعض مقترحاتها وخصوصا عدم تمكنها الكافي من الملفات المطروحة. وقد سعت ليل أول من أنس الى إظهار أنها تخطت هذا النقص وأنها « جاهزة » لحكم فرنسا كما أعلنت ذلك أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية.

        حقيقة الأمر أن المناظرة لم تأت بجديد على صعيد المواقف والمقترحات والبرامج لكلا المرشحين. وكان واضحا بالنسبة ل مارين لوبن التي تخوض الانتخابات الرئاسية للمرة الثالثة انها تريد عرض النقاط الرئيسية في برنامجها وما يميزها عن ماكرون ولكن في الوقت عينه التنديد بحصيلة ممارسة الأخير حكم فرنسا خلال السنوات الخمس الماضية. والسمة البارزة لها أنها سعت لتقديم نفسها على أنها قد نضجت وأنها مرشحة الشعب بينما منافسها بعيد عنه. وبالمقابل، فإن ماكرون دافع بقوة عن السياسات التي اتبعها وعن النتائج التي حققها بالتوازي مع إظهار عقم برنامج منافسته وخطره على المجتمع الفرنسي، على صورة فرنسا في الخارج ولكن أيضا على التوازنات الاقتصادية للبلاد. وفي هذا السياق، برز ماكرون  أحيانا كمن يلقن منافسته دروسا في الاقتصاد والعلاقات الدولية فما انفك عن مقاطعتها باستمرار ومهاجمتها  وتوجيه الأسئلة إليها كالذي يستجوب قاصرا يشكك بقدراته. وجاءت المحصلة، وفق استطلاع للرأي، عقب المناظرة، أجرته مؤسسة « إيلاب » أن 59 بالمائة من المشاهدين وجدوا ماكرون « أكثر إقناعا » من لوبن فيما أظهر استطلاع آخر لمؤسسة « أوبينان واي ـ بارتنرز » أن 14 بالمائة من الناخبين كانوا يعولون على المناظرة لتحديد وجهة تصويتهم بينما 12 بالمائة للمشاركة أو الإمتناع ما يعني أن أكثر من ربع الناخبين كانوا يعولون الكثير عليها. وتبين نسبة مقاطعة التصويت في الجولة الأولى {26 بالمائة} وما حصل عليه مرشح اليسار المتشدد جان لوك ميلونشون {22 بالمئة و7.7 مليون ناخب} التحديات التي يواجهها المتنافسان لاجتذاب هذه الأصوات ومخاطر الإنزلاق في هذا الجانب أو ذاك.

       كثيرة، بطبيعة الحال، الملفات التي أثيرت خلال المناظرة وتناولت كافة المسائل الداخلية مثل القوة الشرائية والتضخم وأسعار الطاقة ورفع مستوى الرواتب المتدنية والبطالة والنظام الصحي وموقع الإسلام داخل المجتمع والحجاب وكيفية التعاطي مع المهاجرين  والإصلاحات الدستورية وأولى الإجراءات التي يخطط كل من المرشحين القيام بها وملف المعاقين والنظام الضرائبي وسن التقاعد. وبعكس ذلك، فإن الملفات الخارجية اقتصرت على الحرب في أوكرانيا والإتحاد الأوروبي وإطلالة سريعة على موقع فرنسا في العالم وعلاقتها بأفريقيا الأمر الذي يبين أن ما يحدد وجهة انتخاب  الفرنسيين هي الملفات التي تتعلق بحياته اليومية والتحديات التي يواجهها. والخلاصة التي يتوصل إليها المراقبون عن بقرب لتطورات الحياة السياسية الفرنسية أن هناك رؤيتين متناقضتين: الأولى، ليبرالية أوروبية انفتاحية تتعامل إيجابيا مع العولمة بالتوازي مع السعي لإصلاح أخطائها بالإستناد الى قوة الإتحاد الأوروبي والثانية قومية، انطوائية تركز بالدرجة الأولى على الداخل الفرنسي وتشكك بالإتحاد الأوروبي الذي تسعى لتغيير بنيته وتوجهاته.

        خلال هذه المبارزة، كانت هناك لحظات توتر لم تصل الى حد التجريح الشخصي ولكنها اتسمت بحدة جلية أشدها عند إثارة موضوع الحرب الروسية على أوكرانيا. ورغم أن لوبن نوهت بالجهود التي قام بها ماكرون، بداية  لمنع حصولها ولاحقا لوضع حد لها، إلا أن الجدل حمي وطيسه عندما اتهم الأخير مرشحة اليمين المتطرف ب »التبعية » لروسيا  وللرئيس بوتين مذكرا إياها بأنها كانت أول من اعترف بضم الأخير شبه جزيرة القرم في العام 2014 ومنددا بما قام به حزبها عندما استدان في العام 2015 9 ملايين يورو من بنك روسي ــ تشيكي لتمويل حملاته الإنتخابية. وخلاصة ماكرون أنه اعتبر أن لوبن « تعتمد على القوة الروسية وعلى {الرئيس} بوتين » في معاركها السياسية. وقال ما حرفيته: » أنت لا تتحدثين مع شخصيات قيادية أخرى بل مع المصرفي الخاص بك عند الحديث عن روسيا ». وما يعنيه ضمنا أنها تحولت « رهينة بيد سيد الكرملين وليست حرة في مواقفها الأمر الذي ردت عليه لوبن بأنها  » الى امرأة حرة تماما ». وذهبت الى حد اتهامه بمنع المصارف الفرنسية من تمكينها من الحصول على قرض في لفرنسا ما دفعها لاحقا الى التوجه الى مصرف خارجي. والحقيقة أن هذه الواقعة معروفة تماما وسبق أن أثيرت في العام 2017، لكنها وقتها لم يكن لها الوقع الحالي بالنظر لما يجري في أوكرانيا وللإتهامات المساقة بحق بوتين وما تفعله قواته في أوكرانيا. وخلال هذه الحملة وزعت صور تجمع بوتين ولوبن في الكرملين كما استخرجت تصريحات سابقة لمنافسة ماكرون تشيد فيها بروسيا. ولذا، عمدت لوبن خلال المناظرة الى التنديد بغزو أوكرانيا وتأييدها لفرض عقوبات عليها وتمسكها ب »أوكرانيا حرة ومستقلة معا عن الةولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وروسيا ». والتحفظ الوحيد الذي عبرت عنه رفضها فرض حظر على استيراد الغاز والبترول الروسيين لأنه يصيب المستهلك الفرنسي كما يصيب المواطن الروسي.  

      في العام 2017، كانت لوبن تدعو الى التخلي عن اليورو والخروج من الإتحاد الأوروبي ومن اتفاقية شنغن للتنقل الحر. لكنها، في حملتها الراهنة، خطت خطوة الى الوراء. إلا أنها بالمقابل، تدعو الى « إنشاء تحالف بين أمم {أوروبية} يحل تدريجيا محل الإتحاد الأوروبي » وذلك بعيدا عن مزيد من الإندماج الذي يريده ماكرون الذي يرى أن المطلوب « لإصلاح الإتحاد الأوروبي وليس الخروج منه ». ولم يتردد ماكرون في اتهام منافسته ب »الكذب » على الناخبين لأن رغبتها الحقيقية التي لا تجرؤ على التعبير عنها علنا تبقى الخروج من الإتحاد. وردت لوبن بأنها تريد البقاء في الإتحاد ولكن مع تعديله إذ « لا توجد سيادة أوروبية لأنه لا يوجد شعب أوروبي ». وتريد لوبن  تنظيم استفتاء لتعديل الدستور الفرنسي من أجل أن ينصّ على تقدم القوانين الفرنسية على الأوروبية وتضمينه كذلك مبدأ « الأولوية الوطنية » الذي من شأنه أن يمنح الأولوية للفرنسيين في الحصول على سكن اجتماعي أو تقديمات اجتماعية مختلفة. وثمة من يوافق ماكرون الرأي لجهة اعتبار أن ما تسعى إليه لوبن يمكن اعتباره خروجا مقنعا من الإتحاد. يضاف اتلى ذلك أن  هذه التعديلات تتعارض مع المعاهدات الأوروبية. وعمد ماكرون الى تفنيد وانتقاد خطة منافسته منوها بحاجة فرنسا لأوروبا وندد بدعوتها خفض مساهمة فرنسا في الميزانية الأوروبية. ورأى الرئيس الحالي أن لا تعارض بين السيادتين الفرنسية والأوروبية اللتين يتعين تعزيزهما مشيدا بما تحقق على المستوى الأوروبي في مواجهة جائحة كوفيد 19 وتبعاته الاقتصادية والإجتماعية. 

       بيد أن « الإشتباك » الأكبر بين المتنافسين تناول موضوع الحجاب الذي تريد لوبن منع ارتدائه في الفضاء العام وفرض غرامة على المخالفات.  وفي الأيام الأخيرة، بدا أن لوبن تراجعت بعض الشيء عندما ربطت مصير مقترحها بما يقرره البرلمان القادم. لكنها في المناظرة عادت لتجعل منه أحد معالم حملتها الرئيسية ولعل السبب في ذلك رغبتها في شد عصب ناخبي اليمين واليمين المتطرف في هذا الملف ولكن أيضا في ملفات رديفة مثل إجراء استفتاء حول الحد من الهجرات وحرمان من يولد على الأراضي الفرنسية من الحصول على الجنسية بشكل آلي والعمل بمبدأ تفضيل الفرنسيين في العمل والسكن … وترى لوبن أن الحجاب « زيا موحدا فرضه الإسلاميون » وأنها لا تحارب الإسلام بل إنه « قانون للدفاع عن الحرية ». وجاء رد ماكرون صاعقا إذ اتهمها ب »إشعال حرب أهلية » ونبذ شريحة واسعة » من الفرنسيين ودفعهم « خارج الفضاء العام » واضفا قانونها بأنه « قانون النبذّ » مذكرا إياها بأنه إذا عمدت الى تطبيق ذلك، فإن « فرنسا، موطن التنوير والكونيّة، ستصبح أول دولة في العالم تحظر الرموز الدينية في الأماكن العامة. هذا ما تقترحينه، وهو غير منطقي« . 

       ما سبق غيض من فيض ما شهدته المبارزة التلفزيونية التي بينت اختلاف المتنافسين حول كل شيء وخصوصا بالنسبة لسن التقاعد. وبطبيعة الحال، رأى فريق كل منهما أن مرشحه كان الأفضل. ولاستكمال المبارزة، وزع البريد على كل الناخبين، في كافة أنحاء الدولة الفرنسية، بيانين نهائيين يتضمنان رؤية كل مرشح وتنديدا ببرنامج المنافس. وعلى سبيل المثال، نص بيان لوبن على أن خمس سنوات إضافية ل ماكرون « لا معنى لها » لأنه يريد مجد سن التقاعد ل65 عاما ولأنه « يحتقر الشعب » ولتراجع السيادة الوطنية والقدرة الشرائية فيما التطرف الإسلاموي يتقدم ومعه الإعتداءات المتعمدة وتتزايد الهجرات…

      يبقى أن حظوظ ماكرون بالفوز ازدادت في الأيام الأخيرة وقد وصلت الى 56 بالمائة. ولكن هل ستصدق هذه التوقعات أم أن مفاجأة ما زالت غير  مستبعدة؟  الجواب مساء الأحد القادم.