Relations franco-chinoises par Michel Bounajem : توتر ديبلوماسي فرنسي ــ صيني وباريس تلتحق بواشنطن ولندن في انتقاداتها لبكين

jean-yves-le-drian-accuse-turquie-militaire-haut-karabagh
Michel Bounajem

Excellent papier de Michel Bounajem sur les relations franco-chinoises.

عنوان: توتر ديبلوماسي فرنسي ــ صيني وباريس تلتحق بواشنطن ولندن في انتقاداتها لبكين

باريس: ميشال أبونجم

حمي وطيس الجدل بين باريس وبكين في الساعات الأخيرة ولم يتردد رئيس الجمهورية ووزير خارجيته في انتقاد الصين بشدة بحيث اقتربت فرنسا من المواقف الأميركية والبريطانية إزاء الصين. وجاءت انتقادات إيمانويل ماكرون في إطار حديث لصحيفة « فايننشال تايمز » البريطانية فيما استفاد الوزير جان إيف لو دريان من جلسة مجلس النواب ليوجه سهامه لبكين. ثمة مأخذان لباريس على الصين، الأول تتشارك به مع واشنطن ولندن وهو غياب « الشفافية » في الإفراج عن المعلومات الخاصة بوباء كورونافيروس. وقال ماكرون إن هناك « مناطق غامضة » في طريقة تعاطي الصين مع الوباء مضيفا أنه يتبين « بوضوح أن أشياء حصلت ونحن نجهلها » ودعا ماكرون، في المقابلة نفسها،ـ الى الإبتعاد عن « السذاجة » والإعتقاد أن « إدارة الصين لأزمة الكورونا كانت أفضل » مما قامت به الدول الغربية. والثاني، خاص بفرنسا والصين وحدهما ويتناول نشر مقال خلافي على الموقع الرسمي للسفارة الصينية في باريس بداية الأسبوع الجاري تحت عنوان: « إعادة تصويب الحقائق المزيفة. ملاحظات ديبلوماسي صيني في باريس ».

في هذا المقال غير الموقع الذي تنسبه المصادر الفرنسية الى لو شاي، السفير الصيني نفسه، « تمجيد » للإنتصار الذي حققته الصين على الوباء وتغني ب »تفوق » نظامها السياسي على الأنظمة الغربية التي هاجمها بسبب تنديدها بالتعاطي الصيني. ويخص المقال فرنسا بالإنتقاد إذ يشير الى أن الجسم الطبي فيها « ّتخلى عن ممارسة واجباته في مقرات إيواء العجزة وترك نزلاءها يموتون من الجوع والمرض ». كذلبك يتهم المقال الوسائل الإعلامية الغربية بالكذب والترويج للإدعاءات الزائفة بشأن الصين.  وكان الرد الفرنسي أن وزير الخارجية استدعى السفير الصيني للإحتجاج على ما جاء في المقال. وبلغة ديبلوماسية، قال لو دريان للسفير إن »كوفيد 19 وباء يصيب كافة القارات والمجتمعات وإزاء تبعاته على المجتمع والإقتصاد، فإن المشادات ليست في محلها وفرنسا تعمل من غير كل من أجل الوحدة والتضامن والتنسيق الدولي » في مواجهة الكورونافيروس. وترجمة هذا الكلام أن مل صدر عن الصين مجرد « هراء ».

تعتبر مصادر أوروبية أن ما يحصل بين باريس وبكين يعكس أمرين: الأول، الإنزعاج الفرنسي مما تسميه « الديبلوماسية الصحية » الصينية التي تتوكأ على نجاح بكين في جبه الوباء لإظهار تفوق نظامها السياسي من جهة ولتبيان أنها أصبحت المرجع الأول في العالم بينما الديموقراطيات الليبرالية أخفقت في التعامل معه والدليل على ذلك عشرات الآلاف من الضحايا التي تساقطت {وما تزال} في البلدان الغربية. كذلك تعول الصين على « المساعدات الصحية » التي تقدمها للعديد من الدول بمن فيها فرنسا وإيطاليا وخصوصا البلدان النامية وبينها دول أفريقية وهي تراهن على قطف ثمارها السياسية لاحقا. ويتثمل الأمر الثاني في أن باريس أخذت تقترب من الموقفين الأميركي والبريطاني من الصين ما يعني ان هناك موقفا غربيا موحدا آخذا بالظهور عبر عنه مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي أول من أمس بقوله إن مجموعة السبع واثقة من أن بكين « قامت بحملة تضليل متعمدة » بشان الوباء. ولب الإنتقادات الغربية يتناول من جهة، مصدر الكورونافيروس {حيواني، مختبري…} ومدى انتشاره صينيا من جهة ثانية وأخيرا تأخر بكين في إطلاع منظمة الصحة الدولية والدول الأخرى على المعلومات الخاصة بالوباء. وجاء تصحيح بكين المتأخر لأعداد الضحايا التي سقطت في مدينة يوهان ليزيد من الشكوك الغربية بصدق الرواية الصينية.

بيد أن التوتر الديبلوماسي الفرنسي ــ الصيني له أسباب ابعد وأولها أن باريس، كما الولايات المتحدة الأميركية، متخوفة من الطموحات الصينية العسكرية في جنوب المحيط الهادىء حيث فرنسا موجودة من خلال جزية كاليدونيا الجديدة {Nouvelle Calidonie} وجزر بولينيزيا الصغيرة التي يزيد عددها على المائة. كذلك، فإن باريس أخذت تشعر منذ سنوات بالمنافسة الصينية في أفريقيا وتتخوف من مشاريع الصين الكبرى مثل « طرق الحرير ». إلا أنها، في الوقت عينه، بحاجة للصين من أجل توفير وسائل مكافحة الوباء مثل الكمامات والفحوصات المخبرية وأجهزة التنفس الإصطناعي والأدوية.  كذلك، فإن باريس راغبة، بشكل عام، أن تكون شريكا استراتيجيا للصين اقتصاديا وتجاريا واستثماريا وسياحيا وعلميا. ووعد ماكرون بأن يزور الصين سنويا حيث الشركات الفرنسية موجودة بقوة وحيث نقلت إليها الكثير من مصانعها وشركاتها… ثم إن باريس لا تستطيع تجاهل ثاني اكبر اقتصاد في العالم ولا الوزن المتنامي للصين في المؤسسات الدولية. من هنا، فإن باريس تسعى للمحافظة على موقف متوازن بحيث تقترب شيئا ما من واشنطن ولكن من غير الإبتعاد كثيرا عن الصين. ونقل عن مصادر الأليزيه أمس، أن ماكرون « لم يكن يستهدف الصين مباشرة بل ندد فقط بالأنظمة التي تمنع سريان الإعلام الحر » في ما يبدو إنه محاولة لتبريد الأجواء مع بكين.

ولعل ما يحث الرئيس الفرنسي على اعتماد الإعتدال بعد الإنتقادات الحادة أنه يحتاج اليوم للصين من أجل إنجاح المبادرتين اللتين يريد إطلاقهما: الأولى ديبلوماسية وعنوانها مؤتمر عن بعد للدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن الدولي من أجل التوصل ال هدنة في البؤر العالمية المتوترة وأعلن مؤخرا أن الصين جاهزة للسير في المبادرة. والثانية رغبته في إقامة جبهة عالمية لمحاربة الوباء وهو في ذلك بحاجة للصين.