LES LACUNES DE LA CAMPAGNE DE MARINE LE PEN

بسّام خالد الطيّارة09/07/2024 فشل حزب « التجمع الوطني » (RN) اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان في تأكيد النجاحات التي حقّقها في الانتخابات الأوروبية وفي الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الفرنسية المسبقة. ونظراً لعدم وجود «أكثرية صريحة» في تشكيلة الجمعية الوطنية الجديدة، يُواجَه « التجمع » بأسئلة كثيرة حول الأسباب التي كلّفته النصر المُعلن سابقاً بثقة وتعالٍ كبيرين. الهزيمة ثقيلة نسبياً؛ فاليمين المتطرف لم يحصل على الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية، ولا على الأغلبية النسبية التي ظنّ في الأيام الأخيرة التي سبقت انتخابات الأحد الماضي أنه قادرٌ على تحقيقها. ربما لم يحن الوقت بعد لتحليل أسباب الفشل الذي مُني به اليمين المتطرف، ولكن الملاحظ أنه خلال الأسابيع الثلاثة القصيرة من الحملة الانتخابية بسبب قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المفاجىء بحل الجمعية الوطنية، تم تناسي وصفات النجاح الماضية التي قادت “التجمع الوطني” إلى تصدر النتائج الانتخابية، ذلك أنه بمجرد إعلان نتائج الجولة الأولى لم يتصرف هذا اليمين على قاعدة أنه سيكون مُعرّضاً لخسارة بل ينتظره الربح ولو كان نسبياً وغير مطلق! وقد لاحظنا كيف توقف نزول الحزب إلى الساحات وسط الحشود كما كان يحصل في الحملة التي سبقت الانتخابات الأوروبية وأيضاً قبل الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية. وبالتالي تم استبدال الساحات ببدلة جوردان بارديلا الزرقاء الرسمية، فاعتبرت الحشود أن بارديلا دخل نادي النظام واندمج به سريعاً على قاعدة “قمْ لأجلس مكانك”، أي أنه فقد رونق «الشاب الجديد» وكاريزما التغيير التي كان يُجسّدها عند الجمهور اليميني المتطرف. ثمة عامل قوة لحزب مارين لوبان في الانتخابات المقبلة، وهو عامل غير ملموس كمياً، لكنه يظل صالحاً للغاية لدى الـ 10 ملايين صوت الذين صوّتوا لمصلحة حزبها: هو «الحزب الوحيد الذي لم يُجرّبه الفرنسيون حتى الآن»، فهل سيكون ذلك كافياً لتحقيق اختراق خلال جولة افتراضية من الانتخابات قد تتم خلال سنة وإذا كان من المبكر بعض الشيء أن يطرح حزب “التجمع الوطني” (RN) على نفسه أسئلة حقيقية حول سر هروب “النصر المُبين” من بين يديه، إلا أن ذلك لا يمنع من التطرق إلى بعض العلامات البارزة التي يُمكن أن تُفسّر هذا الفشل: فقد أغرق حزب “التجمع الوطني” نفسه في الجدل حول بعض النقاط البارزة في برنامجه مثل: التشكيك في حق التجنس بالولادة على الأراضي الفرنسية؛ التنديد بمزدوجي الجنسية ورفض استلامهم المهام العالية والحسّاسة في الإدارة؛ التشديد على ارتفاع عدد العمال المهاجرين في منطق مخالف للبيانات الاقتصادية وحاجة الدورة الصناعية والانتاج. كما شدّد على غموض دور الإسلام في إطار الجمهورية، مع إشارات إلى مشكلة انعدام الأمن واستمرار الهجرة غير القانونية بأكلافها وتداعياتها وتأثيرها على وجه فرنسا ومستقبلها. يضاف إلى ذلك رفض جوردان بارديلا المناظرة بين الجولتين مقابل جان لوك ميلونشون زعيم حزب « فرنسا الأبية» الذي يُشكّل فزّاعة لخصومه في اليمين واليسار على حد سواء. زدْ على ذلك الهجمات المضادة التي تعرض لها برنامج “التجمع الوطني”، ما اضطر الحزب للإعلان عن تقديم تنازلات في موضوعات رئيسية مثل التقاعد في سن 66 عامًا، كما عجز عن تحديد كيفية سد العجز وتأمين تمويل طروحاته الاجتماعية. كذلك تم اختيار مرشحي “التجمع” على عجل، وهي اختيارات لم تكن موفقة بتاتاً، سواء من حيث المهارات أو “الصورة” لدى الفرنسيين، حيث العديد منهم كان متهماً بالعنصرية أو معاداة السامية أو كان لهم ظهور سيئ على مواقع التواصل الاجتماعي. ولكن لا بد من الاعتراف بأن حزب “التجمع الوطني” قد زاد بشكل كبير عدد نوابه في مجموعته البرلمانية، ويظل هو الرابح الأكبر من الانقلاب السياسي الكبير والفاشل الذي قام به إيمانويل ماكرون. ثمة عامل قوة لحزب مارين لوبان في الانتخابات المقبلة، وهو عامل غير ملموس كمياً، لكنه يظل صالحاً للغاية لدى الـ 10 ملايين صوت الذين صوّتوا لمصلحة حزبها: هو «الحزب الوحيد الذي لم يُجرّبه الفرنسيون حتى الآن»، فهل سيكون ذلك كافياً لتحقيق اختراق خلال جولة افتراضية من الانتخابات قد تتم خلال سنة.. إذ تبين أن حكم البلاد صعب حيث يضم البرلمان ثلاث كتل متساوية الوزن تقريباً ستدفع ماكرون نحو حل ثانٍ للبرلمان والدعوة لانتخابات بعد سنة كما يسمح بذلك الدستور الفرنسي (أي مرة سنوياً)؟ بكل الأحوال علينا أن ننتظر موعد الانعقاد الأول للجمعية الوطنية الجديدة في الثامن عشر من هذا الشهر وسيكون على جدول أعمالها انتخاب رئيس جديد لها، وهو الأمر الذي سيعطي مؤشراً واضحاً حول الخريطة السياسية الجديدة واتجاهات التموضع والتحالفات والتوازنات والمقايضات واتجاهات واحتمالات تشكيل حكومة جديدة، فضلاً عن مسارات التعطيل والشلل في البرلمان الفرنسي في المرحلة المقبلة. في الخلاصة، فرنسا مأزومة وغير مستقرة حتى إشعار آخر.

Bassam Khaled Al , Tayyara Ecrivain et professeur basé en France