
. كل الوزراء الذين مرُّوا على كرسي الإعتراف في برنامج صار الوقت، من السيد عامر البساط، الى السيد ياسين جابر، لديهم كلمة واحدة في فمهم : « خلونا نشوف لقدام » ! وكأن هناك كلمة سر في الحكومة لعدم الكلام عن ما حصل مِن اعمال جرمية مالية ادت الى انهيارات، انهيارات مالية وانهيارات ثقة، ومن الصعب ترميمهما بالحلول التقليدية، وكأن المتوافق عليه هو الانطلاق بهذه الحكومة « الى الامام »، وهذا شيء ضروري، لكن يبدو ان الانطلاق هو مِن منطق « حصل ما حصل »، والانطلاق الى الامام دون « مُساءلة »، « المساءلة » الكلمة الوحيدة الغائبة بالكُلِّيَّة عن البيان الوزاري ! بينما الإنطلاقة الصحيحة والصحية تقتضي اولا المُساءلة القانونية والقضائية، كمدخل ثانيا للإصلاح و التعافي، وصولا الى عودة الثقة ! فلا ثقة لأحد، اذا لم تتم المُسائلة القانونية والقضائية اليوم، الان وهنا !
٢. ما شعرت به هذا المساء عند سماع معالي الوزير جابر، الذي نحترم، كما شعرت كذلك عند سماع الوزير بساط سابقا في نفس البرنامج، ان الامور هي كما يقول الكتاب المقدس « انت لا حار، ولا بارد، بل فاتر ». فشعرت بفتور بالرؤية وان لا رؤية « طوارئ » واضحة حول هرمية وهيكلية وتراتبية القرارات الواجب اتخاذها بسرعة دون تسرُّع، من الأهم نزولاً الى المُهِمْ ! فالقول خلونا نشوف شو في بالوزارة يجعلنا نشعر انه يبدو اننا لا زلنا في منطق « يَلِّي عِند أهلُو عَلى مَهلُو » !
٣. لا يكفي معالي الوزير جابر ان نقول ان « لا شطب للودائع »، ليَطمَئِن المُودعين ! هذه مَكْيَجَة كلاميّة لن تمر بعد اليوم، وقد تخفي عملية شطب ضمني وفعلي للودائع، من خلال خطة يتم فيها الاستمرار « بتذويب » الودائع وفرض كابيتال كونترول جديد على الودائع المذوبة، تراكما على الكابيتال كونترول الحالي اللاشرعي الذي قام به مصرف لبنان منذ بداية الازمة الى اليوم من خلال التعاميم الغير قانونية، والتي لم يَقُل فيها الى اليوم وإلى الآن اي مسؤول، كلمة إدانة صريحة !
٤. يبدو ان هناك تياران مُتناقضان بالكلية في هذه الحكومة، الاول قد يكون تيار التصفير، تصفير المسؤوليات والودائع وتصفير الخسائر وتفليس المصارف ! والتيار الثاني، قد يكون تيار اعادة الهيكلة دون شطب الودائع كلاميا، ولكن شطبها فعليا، من خلال تذويبها من خلال خطة فيها مراحل لتسييل جزئي للودائع ! وهل تنطلق العربة بحصانين يهرولان باتجاهات مُتناقضة ؟!
٥. الثابت الوحيد، ان لا احد يتكلم، و يضع في قائمة العمل التحركي الطوارئي، المطالبة الجزائية بعودة الاموال المنهوبة والمُحولة للخارج ! هل تحتمل هذه الحكومة، ومن فيها، وضع المُساءلة القانونية والقضائية في رأس قائمة التحرك في هذا الملف ؟ هل سينطلق التدقيق الجنائي الشفاف والمستقل والتحقيقي الصارم، وليس فقط التدقيق الداخلي كما قيل؟ نرجو ذلك. ننتظر لنرى !
في الختام، يبقى السؤال كيف نُصلِح ونَعدُل ونُنصِف ؟ كيف يتم « إنصاف المودعين » الذي تكلم عنه دولة رئيس الحكومة؟ كيف يكون ؟ هنا السؤال ! انتظرنا وزيرين معنيين مباشرة بعودة الثقة الاقتصادية والمالية (السادة البساط وجابر) ولم نأخذ اي جواب شافي ! كيف نصلِح ونَنصُف ونَعدُل قبل ان نُسائِل قانونيا وقضائيا من أوصل مالية الدولة الى هذا الحد من التدهور، ومن سمح للمصرف المركزي بتمويل الدولة هكذا بلا سقف من اموال المودعين، وكيف تشاركت المصارف بهذه المسؤولية الجرمية، ومن قرر التخلف عن الدفع ولماذا ومن استفاد من هذا القرار ؟ ووو … كيف يُمكن لمن كان مُشاركا في الخطأ والخطيئة ان يُصلِح اليوم ؟!