LE DRIAN AU LIBAN : ثلاثة ملفات يحملها لو دريان الى بيروت وفرنسا تدفع باتجاه الإبتعاد عن المواقف « المتصلبة »

Michel Bounajem, directeur du bureau parisien du quotidien arabophone Asharq Al Awsat.

ثلاثة ملفات يحملها لو دريان الى بيروت وفرنسا تدفع باتجاه الإبتعاد عن المواقف « المتصلبة »

باريس تعمل من أجل عقوبات فرنسية ــ بريطانية ــ أميركية مشتركة

 ميشال أبونجم

يحط وزير الخارجية الفرنسي في مطار بيروت مساء الأربعاء القادم لزيارة تدوم 24 ساعة يلتقي خلالها كبار المسؤولين وعددا محدودا من السياسيين متسلحا، هذه المرة، بورقة « القيود » التي فرضتها باريس، كخطوة أولى، على عدد من السياسيين اللبنانيين غير معروفي الهوية بمنعهم من الدخول الى الأراضي الفرنسية بسبب ضلوعهم في « عرقلة » الخروج من الأزمة او بسبب انغماسهم في الفساد. بلكن باريس تريد الذهاب ابعد من ذلك. فقد علمت « الشرق الأوسط » من مصادر واسعة الإطلاع في العاصمة الفرنسية أن باريس تعمل مع الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا لفرض عقوبات مشتركة على الجهات الفاسدة أو المعطلة بعدما تبين للمسؤولين الفرنسيين أن العقوبات الأوروبية التي تدفع بها الى الأمام تواجه عدة عراقيل وربما لن تأتي أبدا. من هنا، فكرة العمل مع جهات مستعدة لممارسة الضغوط الجدية على السياسيين اللبنانيين إما على صعيد فردي أو جماعي ولكن خارج إطار الإتحاد الأوروبي. وتأتي على رأس لائحة العقوبات الإضافية تجميد ارصدة الأشخاص المعنيين بحيث يكون الجمع بين منع الدخول وتجميد الأموال وإمكانية أن يفضي الى محاكمات في إطار القانون الفرنسي المسمى  » الأصول المكتسبة بشكل غير شرعي » بمثابة « سلاح رادع » ترددت باريس طويلا في اللجوء إليه. 

لكن، حتى اللحظة، ما زالت الأمور في بداياتها. ويريد الوزير جان إيف لو دريان الإستماع مباشرة من محاوريه على آخر المستجدات وفي جعبته ثلاثة ملفات رئيسية أولها إعادة التأكيد على أن « المبادرة » الفرنسية ما زالت حية رغم الإخفاق الذي حل بها بعد مرور ثمانية أشهر على إطلاقها. والقراءة الفرنسية تقوم على اعتبار أن عملية الإقناع وعرض المحفزات إن على الصعيد الفرنسي المحض أو على الصعيد الأوروبي لم تفض الى نتيجة في الوقت الذي تتعمق فيه الأزمة اللبنانية. من هنا، فإن الرهان على ورقة العقوبات التي انتقلت من حيز الإفتراض الى واقع،  وإن ما زالت في جيب الوزير، من شأنها أن تدفع المعرقلين والفاسدين الى إعادة النظر بمواقفهم. والملف الثاني الذي يحمله لو دريان عنوانه التعرف من المسؤولين على ما يخططون له عند رفع الدعم عن المواد الأساسية وما يمكن لباريس ان تساهم به خصوصا أن هناك تخوفات من أن تفضي خطوة كهذه الى هزات اجتماعية واهتزازات أمنية. وأخيرا، سيسعى لو دريان للنظر عن قرب عما يمكن « تحريكه » في لعبة الشطرنج اللبنانية المعقدة بأبعادها الداخلية والخارجية وإطلاع المسؤولين اللبنانيين على آخر تصورات الطرف الفرنسي. 

ليس سرا أن « الرؤية » الفرنسية للحكومة اللبنانية العتيدة التي طرحها الرئيس إيمانويل ماكرون في الأول من سبتمبر/أيلول الماضي، إبان زيارته الثانية الى لبنان قد المت بها تحويرات متعددة. واعترف ماكرون لاحقا في لقاء صحفي أن هذه الحكومة قد لا تكون المثالية ووفق المواصفات الأصلية. وتقول أوساط مطلعة على ما أفضت إليه المداولات الداخلية الفرنسية أن ما يهم باريس في الوقت الحاضر أمران: الأول، أن تتشكل حكومة لبنانية في أقرب وقت ممكن تلافيا للإنهيار القادم ولأن الفراغ المؤسساتي لن يتيح للبنان أن يقدم على أية خطوة إصلاحية أو إنقاذية. ولذا، تدعو باريس الأطراف اللبنانية الى « الإبتعاد عن التشبث بشروط ستجعل ولادة الحكومة صعبة وربما مستحيلة ». وبالمقابل، فإن ما تركز عليه الديبلوماسية الفرنسية ــ الأمر الثاني ــ هو نظافة كف الوزراء الجدد وإمكانية العمل معهم مع مراعاة الإختصاص. أما لجهة عدم ارتباطهم باحزاب أو تماهيهم معها، فإن باريس تعي أن الصيغة اللبنانية بالغة التعقيد ومن الصعب فرض وزراء على أحزاب ممثلة في المجلس النيابي سيكون لها أن تمنح الحكومة الثقة وأن تتعاون معها في إقرار القوانين الإصلاحية والخطة الإنقاذية وبالتالي لم تعد تتوقف كثيرا عند هذه النقطة بالذات. وفي أي حال، ما زالت باريس تدعو الى مواجهة الأمور الملحة اليوم قبل الغد باعتبار ان الإنهيار المتسارع لكافة الأوضاع الاقتصادية والمالية والإجتماعية لم يعد من النوع الذي يمكن تأجيله. لذا، سيشدد لو دريان على ضرورة « مواجهة الحاضر » وتوفير فرصة لولادة « حكومة مهمة » فيما المسائل الخلافية الأخرى المتجذرة يمكن معالجتها لاحقا.   

واضح أن القراءة الفرنسية تركز على التعقيدات الداخلية اللبنانية وقد سبق للرئيس ماكرون أن اقترح حكومة مهمة لمدة ستة أشهر وأرفق اقتراحه بخطة إنقاذية طموحة. بيد أن شيئا من هذا لم يحصل وبقيت الطبقة السياسية على تصلبها وحساباتها وارتباطاتها بحسابات إقليمية ودولية. والتخوف أن يكون الوزير لو دريان ذاهبا الى بيروت من غير تمهيد الطريق إقليميا وبالتنسيق مع واشنطن وموسكو. وثمة قناعة مترسخة أن الملف اللبناني مرتبط مباشرة بما يجري في فيينا من محاولات لإعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني. ويبقى السؤال عن تبعات الاتفاق من عدمه على الساحة اللبنانية وما إذا كان سيدفع باتجاه تليين المواقف أم أن هناك فريقا يرى أنه المستفيد الأول وبالتالي سيعمد الى