Al Chark Al Awsat : طهران تنجح في استعادة مهندس إيراني من فرنسا رغم طلب استرداده أميركيا par Michel Bounajem

Papier de Michel Bounajem, correspondant en France du quotidien saoudien  » Al Awsat » sur l’affaire de l’ingénieur et homme d’affaires iranien Jamal Rouhallah Najad qui avait été arrêté en février 2020 à son arrivée à l’aéroport de Nice venant de Moscou. Les dessous de cette affaire avec son contexte politique et juridique.

طهران تنجح في استعادة مهندس إيراني من فرنسا رغم طلب استرداده أميركيا

إيران تفرج عن باحث أكاديمي فرنسي وتبقي رفيقة دربه في السجن   

ميشال أبونجم 

قبل 11 يوما، أجازت محكمة التمييز جنوب فرنسا تسليم رجل الأعمال الإيراني جلال روح الله نجاد الى الولايات المتحدة الأميركية التي طلبت القبض عليه لدى نزوله في مطار مدينة نيس بداية شهر فبراير/شباط الماضي آتيا من موسكو. وأعقبت واشنطن طلب التوقيف بطلب آخر هو تسلم روح الله نجاد وهو مهندس متخصص في الألياف البصرية، لمحاكمته على أراضيها بتهمة الإرتباط بالحرس الثوري ومخالفة القوانين الأميركية وتهريب معدات يمكن استخدامها لأغراض عسكرية وتحديدا للبرنامج النووي الإيراني الذي تعتبر واشنطن أن غائيته هو الحصول على السلاح النووي. ومن أجل إتمام عملية التسليم من الجانب الفرنسي، كان يتعين أن يوافق عليها رئيس الحكومة بإصدار مرسوم. والحال أن باريس وجدت نفسها أمام خيارين « أحلاهما مر »: فهي إذا استجابت، فسوف تثير غضب طهران التي قبضت، بداية شهر يونيو /حزيران، في طهران، على مواطنين فرنسيين هما فريبا عادلخواه ورولان مارشال وكلاهما أكاديميان معروفان بأبحاثهما وساقت بحقهما تهم بث دعاية معادية والعمل لجهات أجنبية. أما إذا رفضت تسليم المهندس الإيراني، فإنها سوف تثير حفيظة واشنطن التي تتهم الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي بممالأة إيران والتهاون معها في الملف النووي. لكن يبدو واضحا أن باريس فضلت رفض التسليم واختارت، عوض ذلك، مبادلة روح الله نجاد ب رولان مارشال وفريبا عادلخواه. لكن ما حصل أنها نجحت فقط في إخراج الأول من سجن أيفين، الواقع شرق طهران فيما رفض الجانب الإيراني إخلاء سبيل الباحثة عادلخواه باعتبار أن إيران لا تعترف بازدواجية الجنسية.  وبالنسبة إليها، فإنها فقط إيرانية وبالتالي ليس لفرنسا أن تتدخل بشأنها أو أن تطالب بإطلاق سراحها. 

الملفت في هذه المسألة أن قصر الأليزيه سارع إلى إصدار بيانمقتضب أعرب فيه الرئيس ماكرون عن « سعادته » بالإفراج عن مارشال الذي عاجد الى باريس أمس كما « حث » السلطات الإيرانية على الإفراج « الفوري » عن « مواطنتنا فريبا عادلخواه ». لكن البيان الرئاسي لم يشر بتاتا الى افراج السلطات الفرنسية عن روح الله نجاد كما أن أي مسؤول آخر لم يلمح الى عملية التبادل التي جاءت متزامنة رغم تكتم باريس التي سبق لها في التسعينات أن عمدت الى عملية مشابهة مع طهران. وقد جاء خبر الإفراج عن روح الله نجاد بداية من طهران ليل الجمعة ــ السبت إذ أعلن القناة الإخبارية الإيرانية الناطقة باللغة الإنكليزية أن المواطن الإيراني سلم الى السفارة الإيرانية في باريس. ولاحقا، نوهت « ميزان أونلاين » وهي الوكالة الرسمية التابعة للسلطة القضائية الإيرانية بوجود « تعاون قضائي جار » بين باريس وطهران بموجبه تم الإفراج عن روح الله نجاد مشيرة الى أن باريس « تجاوزت » طلب التسليم الأميركي.  وأظهرت صورا للتلفزيون الإيراني وصول روح الله نجاد الى مطار طهران ليل الجمعة ــ السبت الذي استقبله أفراد من عائلته. وفي تصريح قصير للتلفزة، قال الأخير إنه « يشكر الله لأن أيام {الإحتجاز} قد انتهت ». 

لم تعرف حتى أمس تفاصيل التواصل بين باريس وطهران التي أدت الى إتمام عملية التبادل. كذلك لم يعرف ما  إذا كان الطرف الإيراني قد أصر على طلب الإفراج عن روح الله نجاد قبل اطلاق سراح مارشال الذي وصل بعد ظهر امس الى باريس واقتيد فورا الى مستشفى « سان مونديه » العسكري القريب من باريس لإجراء سلسلة من الفحوصات. وسبق للجنة الدعم أن عبرت سابقا عن قلقها لحالة مارشال النفسية والجسدية الذي كان يحظى في سجنه بالرعاية القنصلية التي حرمت منها رفيقة دربه فريبا عادلخواه. وتجدر الإشارة الى أن مارشال المتخصص في الدراسات الإفريقية اعتقل على أيدي أعضاء من الحرس الثوري في 5 يونيو/حزيران عند نزوله من الطائرة في مطار طهران في إطار زيارة شخصية لها.  وقد عمدت الباحثة الجامعية البالغة من العمر 60 عاما الى إعلان الإضراب عن الطعام لمدة 49 يوما قبل أن تستجيب لطلب لجنة الدعم التي ابدت مخاوف على حياتها. ويعمل الإثنان لصالح مركز الأبحاث التابع لمعهد العلوم السياسية في باريس. وقد نشرت عادل خواه مجموعة من الدراسات المتخصصة بالمذهب الشيعي. والملفت في مكتباتها أنها لم تكن معارضة معلنة للنظام الإيراني بل إنها كانت تلتزم، الى حد ما، موقفا حياديا منه الأمر الذي كان يثير جدلا حولها. وتزايدت مخاوف اللجنة بسبب تسارع انتشار كوفيد-19 في إيران، إحدى أكثر الدول تضررا منه. وقد بلغت حصيلة الوفيات السبت في إيران جراء الفيروس 1556 حالة.

بداية، ووجهت للباحثين تهمة « التواطؤ للمساس بالأمن القومي » التي تراوح عقوبتها بين عامين وخمسة أعوام سجن. علاوة على ذلك، وجهت لعادلخواه تهمة « الدعاية ضد نظام « .وأسقطت تهمة التجسس بحقهما في كانون الثاني/يناير، وهي تهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام. وحضرت عادلخواه وحدها جلسة افتتاح المحاكمة في 3 آذار/مارس.

مع حصول عملية الإفراج المزدوجة، تكون طهران قد حققت غرضها وثبتت فائدة سياسة التبادل التي ينتهجها منذ سنوات والتي تجعل من أي باحث غربي عرضة للتوقيف. إلا أن توقيت العملية لم يأت على سبيل الصدفة بل إنه مرتبط بالوضع الصحي في إيران وتفشي وباء الكورونافيروس على نطاق واسع. وتسعى طهران، وفق تقارير صحافية، الى دفع البلدان الأوروبية الثلاثة الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015 للتوسط لدى واشنطن من أجل تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة عليها لتمكينها من مواجهة الوباء. لكن الجانب الأميركي لم يستجب حتى اليوم وما زال مواظبا على سياسة « الضغوط القصوى ». وكانت فرنسا وبريطانيا وألمانيا قد أرسلت بداية الشهر الجاري أجهزة ومعدات طبية الى طهران لمقاومة تفشي كوفيد ــ 19.

وأمس، أعربت لجنة الدعم ل عادلخواه ومارشال عن ترحيبها بعودة الثاني الى فرنسا لكنها اعتبرت أن ما حصل لا يشكل سوى « نصف الطريق » وأن « المعركة مستمرة » حتى الإفراج عن الباحثة القابعة لفي السجن منذ تسعة أشهر ونصف.