Les relations d’amitié entre les Émirats arabes unis et la France sont « fortes et bien établies depuis l’ère du défunt fondateur, Cheikh Zayed. (Par Michel BOUNAJM)

قطعا، استنفذت باريس كافة البادرات الممكنة للتعبير عن ترحيبها ب »زيارة الدولة » التي يقوم بها رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الى فرنسا بدعوة رسمية من الرئيس إيمانويل ماكرون. فما بين الإستقبال الرسمي العسكري الذي أقيم ظهر أمس في باحة « قصر الأنفاليد » حيث مثل وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو الرئيس ماكرون والموكب الرسمي الذي رافقه من قصر الأنفاليد الى مدخل  قصر الأليزيه  ومشهد خيالة الحرس الجمهوري بلباسهم وسيوفهم وصهواتهم كان يثير الإعجاب. وما إن دخلت سيارة رئيس دولة الإمارات الى باحة القصر الرئاسي حتى نزل ماكرون درجات السلم الصغير للتسليم عليه ومعانقته بحرارة ما يدل عل العلاقة الشخصية المتينة والحراة التي تربط رئيسي الدولتين. وللمزيد من الترحيب، وإبراز المكانة الخاصة لرئيس دولة الإمارات،  فقد شاركت السيدة الفرنسية الأولى بريجيت ماكرون في الإستقبال قبل أن يلتقي المسؤولان في جلسة مغلقة على مأدبة غداء ومن غير حضور أي من المستشارين. وتثمن فرنسا كثيرا اختيار باريس لتكون المحطة الأولى لزيارات رئيس دولة الإمارات الى خارج المنطقة العربية منذ أن تسلم رئاسة الدولة في شهر مايو/أيار الماضي. وأفادت مصادر فرنسية أن الملفت في العلاقات الثنائية بين باريس وأبو ظبي « ليس فقط بعدها التاريخي الذي يعود الى بدايات دولة الإمارات وإعلان استقلالها في العام 1970 وما تبعه من زيارة للمؤسس ورئيس الجولة الأول الشيخ زايد بن سلطان الذي زار باريس في العام 1976 للمرة الأ,لى ثم زارها ثانية في إطار زيارة دولة في العام 1991، بل أيضا البعد الشخصي الذي يربط رئيسي الدولتين وذلك منذ وصول ماكرون الى الرئاسة ربيع العام 2017 ».  وتشير هذه المصادر الى أن العلاقات الفرنسية ــ الإماراتية تطورت باطراد بغض النظر عن الهوية السياسية للرئيس الفرنسي أكان من اليمين أو اليسار. وتبرز من بين كافة الرؤساء السابقين هامة الرئيس جاك شيراك {1995 ــ 2002}. وبحسب ما أورده مقربون منه، فإنه عند التقائه الشيخ زايد بن سلطان كان يسأله بالتفصيل عن أخبار أبنائه واحدا واحدا ما كان يدل على ولعه بالإمارات وبالنموذج التنموي الذي اختارته. وتجدر الإشارة الى أ، أبو ظبي، عند نيلها الإستقلال توجهت نحو فرنسا لأنها كانت راغبة بالخروج من « الدائرة البريطانية ــ الأنكلوــ  ساكسونية » ولأن باريس كانت تنهج زمن الرئيسين جورج بومبيدو وفاليري جيسكار ديستان سياسة متفهمة للقضايا العربية ما شجع أبو ظبي للتوجه إليها. وتكرست العلقات لاحقا بتوقيع معاهدة دفاعية بين الطرفين ما عكس رغبة لفرنسا بأن يكون لها دور في الاستقرار الإقليمي والمحافظة على الأمن في المنطقة واستكمل لاحقا باتفاق يتيح لرفنسا التواجد العسكر الدائم في الإمارات في قاعدة متعددة المهام. وخلال الحرب على داعش، كانت الطائرات الفرنسية المقاتلة تنطلق من قاعدة الجفرة لضرب مواقع تنظيم داعش في العرق في إطار التحالف الدولي لدحرالإرهاب. 

يقول مصدر فرنسي إن معنى اللقاء المغلق الذي حرص عليه الرئيس ماكرون أن الطرفين يريدان التحدث بصراحة كاملة حول كافة المواضيع المطروحة والغوص الى أعماقها وبعضها حساس. وأفادت مصادر قصر الأليزيه أن الرئيس الفرنسي كرم رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بمنحه أعلى وسام في الجمهورية الفرنسية وهو الوشاح الأكبر لجوقة الشرف الذي أطلقه الأمبراطور نابوليون الأول في العام 1802. كذلك أفادت المصادر الرئاسية أن ماكرون قدم هدية للشيخ محمد بن زايد هي كناية عن نسخة لإحدى أقدم خرائط منطقة الخليج والتي رسمها في العام 1535 الرحالة الألماني  لورنز فريز لشبه الجزيرة العربية.وبعد الأليزيه، التقى رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه على أن يلتقي اليوم قبل مغادرته فرنسا رئيسة مجلس النواب يائيل بيفيه ــ براون يتبعها لقاء مع رئيسة الوزراء الفرنسية أليزبيت بورن. وبذلك يكون الشيخ محمد بن زايد قد اجتمع بأعلى السلطات التنفيذية والتشريعية في فرنسا فيما الوزراء المرافقون كانت لهم اجتماعات عمل مع نظرائهم الفرنسيين وتضمنت توقيع العديد من العقود ومذكرات التفاهم. 

بيد أن « واسطة العقد » لليوم الأول من الزيارة الرسمية كان « عشاء الدولةّ » الذي أقامه ماكرون على شرف ضيفه الإماراتي والذي شاركت فيه مائة شخصية بينها أعلى ممثلي السلطات الفرنسية التنفيذية والتشريعية  بينها ست وزراء {الخارجية والدفاع والإقتصاد والنقلة البيئوية والثقافة والتعليم العالي} ورئيسي لجنتي الدفاع والخارجية في البرلمان ورئيس مجموعة الصداقة الفرنسية ــ الخليجية ووزراء سابقون ورؤساء عدد كبير من كبريات الشركات الفرنسية  وبعضها فاعل في الاقتصاد الإماراتي إضافة الى عشرين شخصية من عالمي الثقافة والفون والتعليم العالي والبحث العلمي. وتعكس هذه الخيارات الإهتمامات الفرنسية ــ الإماراتية المشتركة والملفات الرئيسية التي تم تناولها أمس ويستكمل البحث فيها اليوم. وكان منتظرا كما ينتص ذلك التقليد على أن يلقي الرئيس المضيف كلمة في بداية العشاء الرسمي تتبعه كلمة  للرئيس للضيف. وستكون كاترين كولونا، وزيرة الخارجية ظهر اليوم، في وداع الشيخ محمد بن زايد في مطار أورلي الواقع جنوب باريس.

ونقلت وكالة « وام » الإماراتية أن الشيخ محمد بن زايد أكد خلال لقائه الرئيس ماكرون  أن « علاقات الصداقة بين دولة الإمارات وفرنسا قويةٌ وراسخةٌ منذ عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله واستطردت أن الزعيمين « استعرضا خلال اللقاء مسارات التعاون المتنوعة في إطار الشراكة الإستراتيجية بين البلدين خاصة في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتكنولوجيا المتقدمة والطاقة المتجددة والأمن الغذائي بجانب البيئة والتغير المناخي وغيرها من المجالات الحيوية التي تحظى باهتمام مشترك وتدعم تطلعات البلدين إلى مستقبل أفضل كما أنهما أكدا حرصهما المشترك على استمرار التشاور والتنسيق بين الجانبين تجاه العديد من القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك وذلك في ضوء الشراكة الإستراتيجية  الشاملة التي تجمع بينهما فضلا عن التطورات الإقليمية والدولية التي تهمهما.  »  

قبل الزيارة، استبقت باريس الزيارة بأمرين: الأول، بعرض تولاه أحد مستشاري الرئيس ماكرون للزيارة وأبعادها والثاني ببيان رسمي صادر عن قصر الأليزيه يبين محاور المحادثات والتحديات التي يواجهها الطرفان. و »كلمة السر » التي تعكس توجه البلدين عنوان واضح يتحدث عن سعيهما لتعميق وتعزيز « الشراكة الإستراتيجية الشاملة ». وبحسب باريس، فإن هذه الشراكة تدور حول ثلاثة محاور رئيسية: الأول، المحور السياسي ــ الأمني والدفاعي الذي يشمل الأمن والإستقرار والوضع الإقليمي  والحرب على الإرهاب والملفات الرئيسية التي تواجهها منطقة الخليجية وعلى رأسها الملف النووي الإيراني وذلك على خلفية القمة الخليجية ــ العربية ــ الأميركية  وزيارة الرئيس بايدن الى إسرائيل والضفة الغربية والمملكة السعودي. ويضاف إليها ملفان: الملف الفلسطيني ــ الإسرائيلي من جهة والملف اللبناني من جهة أخرى. والتوجه العام الفرنسي ــ الإماراتي هو لخفض التصعيد والعودة الى الحوار بما في ذلك الملف النووي الإيراني الذي كان رئيسيا في محادثات الرئيس بايدن في زيارته الأخيرة.   

وتمثل ملفات العلاقة الاقتصادية والطاقة والإستثمارات المتبادلة والمبادلات التجارية المحور الثاني الرئيسي. وتبدو باريس مهتمة بتنويع وارداتها النفطية والتوجه صوب الإمارات وذلك على ضوء الصعوبات المترتبة على الحرب الروسية على أوكرانيا.  وبحسب « وام » فإن الشيخ محمد بن زايد إلى أن الطاقةَ بكل أنواعها تمثل أحد أهم مجالات التعاون بين البلدين وأن دولة الإمارات حريصة على دعم أمن الطاقة في العالم عامة وفي فرنسا الصديقة خاصة » منوها بتوفر العديد من إمكانيات الشراكة ومقوماتها بين البلدين في هذا المجال.

وأفادت « وام » أن البحث تناول أيضا المجالات الإستثمارية والإقتصادية والعلمية والثقافية والتكنولوجيا المتقدمة والطاقة المتجددة وهي الملفات التي فصلتها سابقا مصادر الأليزيه التي اشارت الى توقيع مجموعة من العقود والتفاهمات أبرزها الخاصة بضمان أبو ظبي تزويد فرنسا بكميات من مادة « الديزيل » لتعويض النقص الناتج عن قرار الإتحاد الأوروبي وقف استيراد النفط الروسي. وأفادج بيان فرنسي أن الطرفين وقعا اتفاقا حول الشراكة الإستراتيجية  الخاصة  بالتعاون في مجال الطاقة وقد وقعه عن الجانب تالفرنسي وزير الاقتصاد بروةنو لومير ووزيرة  النقلة البيئوية أنياس بانيه ـ روناشيه وعن الجانب الإماراتي وزير الصناعة ومبعوث الإمارات في الملف البيئوي سلطان الجابر. وجاء في البيان الفرنسي أن الاتفاق يعمكس رغبة البلدية في تعزيز علاقاتهما في مجال الطاقة وأن الهدف التوافق على مشاريع استثمارية في الدولتين وفي دول أخرى تتناول الهيدروجين والطاقة النووية والطاقة المستديمة. وقال الوزير لومير إن الاتفاق « يتميز بأهمية استراتيجية مزدوجة إذ يتيح لنا أن نواجه تحديات أمن الطاقة على المدى القصير من جهة وأن نتحضر لمستقبل عديم الإنبعاثات الكربونية ».  وعمليا، ترى باريس أن الإتفاق يوفر إطارا ثابتا لتعاون طويل المدى ولعقود صناعية ومشاريع استثمارية مستقبلية. وثمة عقدان إضافيان وقغعع في مجال الطاقة الأول لتزويد فرنسا بمادة الديزيل والثاني إنشاء شركة مشتركة تستهدف إطلاق مشاريع تتناول النقلة البيئوية. واعتبرت الوزير بانيه ــ روناشيه أن العقد يعني تعميق التعاون بين الطرفين وإيجاد شراكات صناعية والعمل على بناء نموذج للطاقة عديم الإنبعاثات الكربونية.

ثمة ملف ثالث تسميه باريس ملف « التحديات الشاملة » الطي يتناول بشكل خاص الأزمة الغذائية التي برزت بقوة مع صعوبة وصول الحبةب الأوكرانية الى الأسواق وخصوصا الى بلدان العالم الثالث والثاني عنوانه التحديات البيئية. وخلال الاجتماع، أكد الشيخ محمد بن زايد أنالإمارات وفرنسا لديهما اهتمام كبير بقضايا البيئة ومواجهة التغير المناخي في إطار « اتفاق باريس بشأن المناخ »، وهذا يفتح المجال أمام مزيد من العمل المشترك في هذا الشأن خاصة أن الإمارات ستستضيف مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ  » كوب 28  » خلال عام 2023 وتتطلع إلى التنسيق والتعاونِ مع بلدكم الصديق لتعزيز الاستجابة الدولية للخطر الذي يهدد كوكبنا والمتمثل في التغير المناخي.

لا تتوقف الأمور عند هذا الحد. ذلك أن طموح الجانبين يذهب أبعد من ذلك ويتناول التعاون الثقافي والبحث العلمي والصحة والعلوم والفضاء. وكان منتظرا توقيع مجموعة اتفاقات بين الجانبين، الى جانب ما ذكر ما يعكس رغبتهما في ترجمة الشراكة الإستراتيجية الشاملة الى مشاريع مشتركة مفيدة للطرفين. وصباح اليوم سيلتئم مجلس الأعمال الفرنسي ــ الإماراتي الذي يراد له أن يعزز التعاون وأن الشراكات الى فضاء أوسع يتناول كافة الميادين.  

– MICHEL BOUNAJM