L’inquiétude de la France face à la présence et au rôle de la Turquie et Libye
par Michel Bounajem
عنوان: فرنسا متخوفة من تنامي النفوذ التركي في لبييا والمتوسط
رفيع: باريس « تتزعم » المجموعة الرافضة لتمدد أنقره
باريس: ميشال أبونجم
من بين كافة الدول الأوروبية التي تنظر بكثير من القلق لتنامي التواجد التركي في ليبيا، تحتل فرنسا المرتبة الأولى ما يدل وبكل وضوح على أنها تنظر إليه على أنه يحمل تهديدا لمصالحها في ليبيا وشمال أفر يقيا وامتدادا الى بلدان الساحل. ولذا، تصدر دوريا عن رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية تصريحات منددة ومحذرة. وآخر ما استجد تسريبات عن القصر الرئاسي تقرع ناقوس الخطر وتعكس عزم باريس على التحرك لمواجهته.
بداية، اعتبرت دوائر الأليزيه أن التدخلات التركية في ليبيا « لا يمكن لقبول بها » وأن باريس « لا يمكنها السماح بذلك » ما يشكل تصعيدا واضحا بوجه تركيا التي تربطها بها علاقات متوترة بسبب ملفات الهجرات والأكراد السوريين والحدود والإرهاب وما تعتبره باريس، بشكل عام، « ابتزازا » تركيا متماديا للإتحاد الأوروبي. ويتذكر المهتمون بتطور علاقات البلدين الهجوم غير المسبوق الذي شنه الرئيس إيمانويل ماكرون، بمناسبة قمة برلين، في يناير/كانون الثاني الماضي، على تركيا التي تجلب العتاد والسلاح والخبراء وخصوصا المرتزقة السوريين للقتال في ليبيا الى جانب حكومة فائز السراج ومحاولة تسخير الحلف الأطلسي لخدمة مصالحها وطموحاتها إن في سوريا أو في ليبيا ومياه المتوسط.
ترى باريس أن سياسة تركيا « أصبحت أكثر عدوانية وتصلبا مع نشر سبع قطع بحرية مقابل الشواطئ الليبية وانتهاك الظر المفروض على السلاح » الى ليبيا. وخلاصة الأليزيه أن تركيا « تتصرف بشكل غير مقبول عبر استغلال الحلف الأطلسي ولا يمكن لفرنسا السماح بذلك ». ولتحديد طبيعة الرد، فقد أشارت دوائر القصر الى أن الرئيس ماكرون يقوم بجملة اتصالات منها مع الرئيس الأميركي الأسبوع الماضي وأخرى في الأسابيع القدمة مع « شركاء الحلف الأطلسي المنخرطين ميدانيا ».
تعتبر فرنسا أن النفوذ التركي يشكل « تهديدا استراتيجيا للمصالح الفرنسية والأوروبية على السواء » وأن تركيا، في حال نجحت في مشاريعها، فإنها « ستجذر حضورها في ليبيا وستجعل منها منصة » للتمدد باتجاه بلدان أخرى التي تشكل، تقليديا، مناطق نفوذ فرنسية. وإذا كان ثمة من تساوره الشكوك لجهة نوايا تركيا، فإن ما كشفت عنه وزارة خارجيتها أمس كاف ليقطع الشك باليقين إذ أفادت عن إجراء محادثات تركية ــ ليبية من أجل استخدام قاعدة الوطية الجوية {جنوب طرابلس} التى استعادتها قوات وميليشيات حكومة الوفاق مؤخرا من الجيش الوطني الليبي بدعم تركي وقاعدة مصراته البحرية. وبالنظر لضعف حكومة السراج، فمن الواضح أنه ستكون لتركيا الكلمة الفصل في خياراتها مثلما حصل بالنسبة لرفض مهمة « إيريني » الأوروبية لمراقبة تنفيذ حظر وصول السلاح الى ليبيا التي رفضتها تركيا وعجلت حكومة السراج لرفضها كذلك. وفي حال حصلت تركيا على ما تريد وهو المرجح، فإن حضورها في ليبيا سيكون دائما وسيقوى مع الزمن فيما الحضور الأوروبي ــ الغربي يتراجع وبالتالي فإن الدفاع عن المصالح الأوروبية أكان في موضوع الهجرات والنفط والغاز {في مياه المتوسط} والمصالح الإستراتيجية والسياسية سيضعف وستكون باريس ومعها روما الخاسران الأكبرين لأنهما كانتا الأكثر حضورا أوروبيا في ليبيا. وما أثار استياء الإتحاد الأوروبي مؤخرا تدخل قطع بحرية تركية يوم الأربعاء الماضي لمنع مهمة « إيريني » الأوروبية من تفتيش سفينة تحوم الشبهات حولها بأنها كانت تنقل أسلحة الى ليبيا ما دفع الأوربيين الى طلب المساعدة من الحلف الأطلسي. وسيكون ذلك موضع تباحث يومي 17 و18 الجاري بمناسبة اجتماعات عن بعد لوزراء دفاع الحلف.
في التسريبات الصادرة عن قصر الأليزيه، هناك إشارة الى نشر تركيا سبع قطع بحرية مقابل الشواطئ الليبية. وهذه القطع، في الواقع، وفق المعلومات المتوافرة، جزء من مناورة بحرية ــ جوية كبيرة قاتمت بها القوات التركية، على امتداد 2000 كلم من الشرق الى الغرب، شاركت فيها ثماني قطع بحرية {بينها سبع فرقاطات} وطائرات مقاتلة من طراز أف 16 وطائرات تنصت ومراقبة جوية. وجاءت هذه المناورة المسماة « أعالي البحار » عقب إعلان وزير الطاقة التركي عن عزم وزارته القيام بعمليات تنقيب في مياه المتوسط، استنادا الى الاتفاق التركي ــ الليبي الذي يمنح أنقره، بفضله، وبما يخالف قوانين البحار، مساحات مائية شاسعة عازمة على استغلالها. وبذلك تريد تركيا فرض أمر واقع جديد يوفر لها ورقة ضاغطة في أية مفاوضات لاحقة. وللتذكير، فإن الإتحاد الأوروبي هدد بفرض عقوبات على تركيا بسبب هذه الخطط التي تفتئت على مصالح بلدين عضوين في الإتحاد هما اليونان وقبرص. وتجدر الإشارة الى أن باريس وأثينا اتفقتا على تعزيز تعاونهما بما في ذلك العسكري الأمر الذي فهم على أنه لمواجهة المخططات التركية.
عندما تقول باريس إنها « لن تسمح » بتنامي النفوذ التركي في ليبيا، فإن السؤال الذي يطرح بشكل آلي هو: ما هي الأدوات والوسائل والخطط التي ستفعلها فرنسا لهذا الغرض؟ بداية، تتعين الإشارة، وفق مصادر أوروبية، أن لا أحد يفكر بالعمل العسكري المباشر أو يدفع نحو مواجهة فرنسية ــ تركية. لكن ما هو متاح هو أن تعمد باريس التي كانت أحد الداعمين للمشير خليفة حفتر، الى زيادة انخراطها الى جانبه مع الأطراف الإقليمية الداعمة له. والحال أن السياسة الفرنسية ــ الأوروبية الرسمية تدعو الى وقف النار وانسحاب القوات الأجنبية والعودة الى طاولة المفاوضات والوصول الى حل سياسي. وزيادة انغماسها العسكري لا يصب في هذا الإتجاه. إلا أن البيانات شيء والواقع قد يكون شيئا آخر.
يبقى هناك العمل السياسي ــ الديبلوماسي. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة الى أن باريس وروما المتنافستين سابقا في ليبيا، تسعيان منذ عدة أشهر لتنسيق مواقفهما لأن النفوذ التركي يضرب مصالح الإثنين معا. وباستطاعة باريس الإرتكاز الى وحدة الموقف الأوروبي بشأن مياه المتوسط وحقوق اليونان وتركيا وبالنسبة للمخاوف المشتركة من أن تتحكم أنقره بملف الهجرات من الشواطىء الليبية وأن تستخدمه، كما في ملف الهجرات من أراضيها، ورقة ضغط ثانية وإضافية على أوروبا. لذا، فإن التلويح بعقوبات أوروبية أمر ممكن. إلا إن رهان باريس الأول هو على واشنطن وهي الجهة الأقدر في التأثير على السياسة التركية. والحال، أن لا وضوح في السياسة الأميركية. ثمة من يرى في واشنطن وجود إمكانية لاستخدام الحضور التركي ورقة لمواجهة النفوذ الروسي في ليبيا والمتوسط حيث الطرفان يسعيان للإمساك بهذا الملف أو بجزء منه على الأقل من خلال التدخل العسكري المباشر. وثمة تقارير تفيد عن مساع روسية ــ تركية لإيجاد تفاهم على إقامة « مناطق نفوذ » وعن « خطوط حمراء » تفصل بين الطرفين منها سرت والجفراء. وسبق لوزير الخارجية جان إيف لودريان أن حذر من « سورنة ليبيا ». وفي لعبة بالغة التعقيد، تبدو باريس الطرف الأقل قدرة على التحكم بمسار الأحداث. لذا، سيكشف القادم من الأيام ما إذا كانت تسريبات الأليزيه تستند الى وقائع أم من باب التحذير ليس إلا.