تأمل سريع بين زيارتين، من تركيا الى لبنان، مشاهدات جميلة في لبنان الحبيب ولكن هل هي حقيقية؟

Réflexions sur les visites du Pape en Turquie et au Liban
Par Me Carol Saba

بقلم المحامي كارول سابا

هذا ما قاله البابا الابيض الذي سكن مع الفقراء والمساكين في البيرو وكان يشاركهم عذاباتهم وهم في مآسيهم فرحين، وكان يفرح معهم، هذا ما قاله للام الريسة الفاضلة، وهي وجه قداسَة دير الصليب، الان وهنا، التي لا تهدأ، ولا تتعب، ومن الضعف تخلق قوة، لغسل ارجُل كل ابناء عائلتها في دير الصليب، وكم هم كُثُر، المرضى، مرضى النفس، والحياة، اصحاب الاحتياجات الخاصة، وكل من قست عليه الحياة
والمتروكين في هذا البلد الحبيب لبنان كالكثيرين

وهذا هو اللقاء، اللقاء، و هو الاجمل على الاطلاق … الباقي فيه الكثير من الزيف…

رافقت في تركيا اغلبية مراحل الزيارة البابوية الى تركيا، ليس فقط المراحل الأرثوذكسية، بل ايضا كل المراحل الاخرى عند السريان والكاثوليك والمراحل الحوارية، و استطيع ان اقول ان الامور كانت هناك على خفر اكبر و بساطة وهدوء اكثر بكثير من ما شاهدته من همرجة واضواء وبزخ في لبنان ! طبعا كل شيء كان جميل، ولكن هل كان حقيقي، في بلد يعاني من قطع متمادي للكهرباء، وسرقة اموال الناس وانفجار المرفأ وبقاء المنظومات ووو… ولم اشاهد في تركيا (البلد التمكن اكثر مما) هذا البزخ الذي شاهدته في لبناني الحبيب المنكوب …

من اين تأتي كل هذه الاموال، في حين ان حاجات الفقراء تضرب اكثر من نصف الشعب اللبناني ، ويُقال ان لا ورق في الادارات لطبع ورقة اخراج قيد ؟

انا لا اقول بضرورة التمسكن، ولكن اقول بضرورة ان نكون واقعيين وحقيقيين وعندها يَثِق بنا العالم من جديد

وايضا للتصحيح ! يا احبة ! زيارة لبنان ليست الزيارة الاولى البابوية، كما يقول الاعلام في لبنان، بل تركيا كانت الزيارة الاولى …

هل يُمكن ان نكون اقل مُراقبين لسِرَّتَنا، لكي نَمُر في الممر الضيق ونُنقذ بلدنا ؟

هل الزيارة ناجحة ؟ نعم. هل التنظيم كان جيد ؟ نعم . هل البرنامج كان فيه تعب ؟ طبعا . هل الزيارة تعكس وضع لبنان المتهاوي ليس فقط بسبب الأخطار الوجودية بل ايضا الأخطار الداخلية بفقدان الخُلق والأخلاق عند هذه الطبقة السياسية التي لا تزال ترقص على اطلال المآسي التي خلقتها ولا تزال تلعب فيها بلا اخلاق ؟ اترك الجواب للبنانيين …

هل نُعطي صورة حقيقية لوضع البلد للبابا؟ الذي يَعرف بالفعل وليس فقط بالقول، معنى الفقر حيث كان عمله بِشاري الطابع في البيرو مع الفقراء والمحتاجين والبائسين الفرحين… بينما هنا رأينا هنا بزخ ومنصات مكلفة واضواء وووو وكل ذلك في بلد مفلس لا مصارف صالحة فيه وأموال المودعين فيه لا تزال منهوبة…

من اين تأتي كل هذه الاموال ؟ هل نعتقد اننا نُبهر البابا … ؟ هو في قلبه يُدين كل بزخ على هذا الشكل فهذا بابا بشاري اي يحب الرسولية والخفر ! نريد ان نخلق من الضعف قوة ؟ ولكن القوة لا تظهر بالإنفصامية، بل بالحق ؟

ليس من الغريب ان يكون في فم البابا، كلام ردده في كل خطابات هذه الزيارة، غير كلام القديس فرنسيس الاسيزي، قديس الفقراء والمحتاجين والمساكين

  "يا ربّ، استَعمِلني لِسَلامِك، فأضَعُ الحبَّ حيثُ البُغض، والمغفرةَ حيثُ الإساءَة، والاتِّفاقَ حيثُ الخِلاف، والإيمانَ حيثُ الشَّك، والحقيقةَ حيثُ الضَّلال، والرّجاءَ حيثُ اليأس، والفرحَ حيثُ الكــــآبة، والنّورَ حيثُ الظّلمة"

وليس بالغريب ان تكون محطة دير الصليب هي المحطة التي حركت فيه مشاعر الانسنة المسيحية الحقيقية من كل زيارة لبنان حيث بدا بالفعل متأثرا وقال كلام لا غبار عليه من ناحية صدقيته، ومُطابقة الكلام على واقع المكان، الذي قاله فيه، اي مستشفى دير الصليب الذي امسى في لبنان المكان الوحيد الذي تحصل فيه بنفس الوقت مأساة الجلجلة وفرح القيامة، لانه مكان النعمة، نعمة العطاء اللامحدود، بالكلية، وهذا ما يُعبِّر عنه كلام البابا امام الريسة

« ما نشهَدُه في هذا المكانِ هو عِبرَةٌ للجميع، ولأرضِكم، لا بل وللبشريَّةِ جمعاء: لا يمكنُ أن ننسَى الضّعفاء، ولا يمكِنُنا أن نتصوَّرَ مجتمعًا يركُضُ بأقصَى سرعةٍ وهو مُتَشَبِّثٌ بأوهامِ الرّفاهيةِ الزّائفة، متجاهلًا حالاتٍ كثيرة من الفقرِ والهشاشة. نحن المسيحيّين، كنيسةَ الرّبِّ يسوع، مدعوّون بصورةٍ خاصّة إلى الاهتمامِ بالفقراء: الإنجيلُ نفسُه يطلبُ منّا ذلك. ولا ننسَ أنّ صرخةَ الفقراء، التي نسمعُ صداها أيضًا في الكتابِ المقدّس، تخاطِبُنا: « على وجهِ الفقراءِ المتألِّم نرى مطبوعةً آلامَ الأبرياء، ومِن ثمَّ آلامَ المسيحِ نفسِه » (الإرشاد الرّسوليّ، لقد أَحبَبتُكَ، 9). »

قد يرجع البابا الى الفاتيكان وبيده فكرة عن بلدنا، وسوط، وهو يُدرك بعض من امراض هذا البلد الحبيب الذي لا يسعى فعلا ليداوي جراحه وامراضه وانفصامياته
18:28