Dénonciation de l’accord France -Algérie de 1968
Vote historique au parlement
par Leila Murr
ملف العلاقات الفرنسية الجزائرية يتواصل فصولا، فكلما لاحت في الأفق بارقة أمل سرعان ما اطفأتها تجاذبات الاطراف
المتسابقة على الساحة السياسية الداخلية. فما أن أعلن وزير الداخلية في الحكومة الجديدة لوران نونز، عن ضرورة اعادة بث
الحياة في العلاقات الثنائية المجمدة منذ أشهر، مستدعيا ضرورة التعاون الأمني، حتى كان له نواب حزب » التجمع الوطني »،
بالمرصاد، مستنكرين التصريح ومنددين باستسلام فرنسا. فهم يعتبرون ان هذا التعاون الأمني لم يؤد الى نتيجة تذكر، حتى في
أفضل الظروف.
وفي سابقة تاريخية صوت البرلمان على نص قدمه نواب الحزب اليميني المتطرف لنقض المعاهدة الموقعة بين فرنسا
والجزائر في العام 1968، خلال جلسة المشاورات النيابية، يوم الخميس 30/تشرين الاول/اكتوبر 2025، وفاز بفارق
صوت ب 185 مقابل 184 صوتا. الجدير بالذكر ان المعاهدة تمنح الجزائريين امتيازات عديدة تتعلق بالتسهيلات للحصول
على تأشيرات بطاقة الاقامة لمدة عشر سنوات،و لم الشمل، إضافة الى تسهيل الاستثمار والطبابة وغيرها.
المطالبة بنقض المعاهدة ليس بأمر مستجد، فهو غالبا ما يطفو على السطح في سجال سياسي، لكل طرف له فيه حسابه
الخاص، وتم التطرق اليها تكرار في الفترة التي شهدت سجالات حامية حول قانون الهجرة قبل سنتين.
بالطبع فوز الاقتراح بصوت واحد،لا يعني ان الموضوع يحظى بالإجماع، حتى داخل الأحزاب التي صوتت لصالح القرار،
وذلك يعبر عن رغبة غالبية في فرنسا بعدم جر العلاقات بين البلدين الى مأزق يصعب الخروج منه. فكيف توزعت
الاصوات وكيف بدت صورة الحسابات الانتخابية وتحالفات مصالح اللحظة الراهنة.
تصويت تاريخي
يوم الخميس، 30 اكتوبر/2025 خرج حزب التجمع الوطني، اليميني المتطرف، بفوز اعتبره تاريخيا، ويمكن ان يشكل
منعطفا في تاريخ السياسة الداخلية الفرنسية، فهذه المرة الأولى يفوز بها اقتراح نص يقدمه هذا الحزب الذي بقي منبوذا تحت
قبة البرلمان، منذ دخول 90 نائبا عنه في حزيران 2022.
الآراء التي تناولت هذه السابقة ركزت على انقسام الكتلة الوسطية وغيابها عن التصويت، واعتبرت ان تصويت كتلة
« اوريزون »، حزب رئيس الوزراء السابق ادوار فيليب، كان اساسيا، وشكل اشارة لإطلاق حملته الانتخابية لرئاسيات 2027
ماهي الابعاد الدستورية والسياسية
من الناحية الدستورية، التصويت على الاقتراح لنقض المعاهدة ليس له بعدا قانونيا مباشرا، فهذا يعتبر قرارا سياساً وليس
مرسوما. والاجراءات الدستورية التالية تبقى رهن عمل الحكومة. فهي التي تقرر ان كانت ستتجاهل القرار، او انها تعتمده
كأساس لمناقشة واعادة التفاوض حول المعاهدة، وما إذا كانت ستباشر بتدابير نقض صارح للمعاهدة، وهذا الاجراء يتطلب
نص قانون واخطار رسمي للسلطات الجزائرية بذلك.
كيف توزعت الاصوات
النص فاز بأصوات من نواب  » اتحاد قوى اليمين من اجل الجمهورية »، حزب اريك سيوتي، الذي انفصل عن الجمهوريين
(يمين متطرف)، ونواب حزب » اوريزون »،(حزب رئيس الحكومة السابق ادوار فيليب). فيما بدا واضحا ان تغيب نواب
مجموعة الوسط هو الذي قلب المعادلة.
في المقابل جاء تصويت مجموعة « معا من أجل الجمهورية » الموالي للرئيس ماكرون، نسبيا، حيث لم يدل سوى 30 نائبا من
أصل 92، بأصواتهم. أما حزب « النهضة »، الحزب الرئاسي، قرر التصويت ضد النص. واعتبر منتقدو التصويت أن غياب
20 نائبا من الموالين للرئيس ماكرون، يعادل غياب 20 من مجموعة  » فرنسا الأبية ». فيما اعتبر نواب حزب « الخضر »، ان
غياب نواب الحزب الرئاسي ساهم في فوز حزب مارين لوبن، في هذا التصويت، بدوره جناح اليسار، انتقد نواب الوسط
وغيابهم.
والمثير في الأمر ان غالبية الاصوات التي اقترعت ضد النص لم تصدر عن تحالف اليسار الذي يضم الاحزاب التالية :
« فرنسا الابية »، « الاشتراكي »، « الشيوعي »، « البيئة »، حيث قدموا 143 صوتا ضد النص، في حين ان مجموع نوابهم يبلغ
195.
بالطبع جان لوك ميلانشون، زعيم حزب » فرنسا الأبية » استنكر النص، معتبرا ان الجزائر وتونس والمغرب هم بلدان اشقاء
لفرنسا. وركز على أن السابقة التي يجب التوقف عندها تتلخص بتصويت حزب « اوريزون » لليمين المتطرف. معتبران ادوار
فيليب، اتخذ من التصويت على المعاهدة ذريعة للانطلاق في حملته الرئاسية ويذلك يكون بيضة القبان التي قلبت ميزان
القوى. النائب عن الحزب الاشتراكي فيليب برون، بدوره اعتبر في تغريدته على منصة اكس، انها نقطة تحول تاريخية.
موقف الحكومة
موقف الحكومة المعارض للنص عبر عنه رئيس الحكومة سيباستيان لوكورنو، بالقول إن السياسة الخارجية لا يرسمها قرار
صادر عن المجلس النيابي. لكنه في الوقت ذاته عبر عن تأييده لإعادة النظر بهذه المعاهدة.
ومن الاصوات الاشتراكية المنددة بنقض المعاهدة برز النائب برونو فوكس، فهو يعتبر انه على الرغم من تأييده لاعادة النظر
بمعاهدة مضى عليها نصف قرن، يرى ان نقض المعاهدة من جانب واحد، امرا غير قانوني ويضر بمصالح فرنسا، ويؤثر
سلبا على كل امل لتحرير الكاتب بوعلام صنصال، والصحافي كريستوف غليز، المحكوم عليهما بالسجن في الجزائر.
كما اعتبر ان نقض المعاهدة يقضي على قدرة فرنسا في التحكم بالهجرة، وتنفيذ احكام وجوب مغادرة الأراضي الفرنسية،
التي تصدر بحق المهاجرين غير الشرعيين الذين يرتكبون مخالفات وجرائم، بعكس ما يروج له حزب « التجمع الوطني »
المتطرف. كما ان ذلك يؤثر سلبا على الاقتصاد الفرنسيئن حيث انخفضت صادرات فرنسا الى الجزائر، بنسبة 21 بالمئة منذ
بداية 2025، أي بما يعادل 250 مليون يورو خسارة.
الجدل حول المعاهدة
المعاهدة تثير الجدل منذ سنوات، فحسب تقديرات تقرير تقدم به النائب شارل برودويل، عن تجمع « معا من أجل الجمهورية »،
(اليمين)، كما اوردت صحيفة لوفيغارو، 2 مليار يورو سنويا. لكنه اعتبر انه في حال نقض المعاهدة بغياب بديل قانوني
لتنظيم هجرة الجزائريين فإن تدفق الهجرة يصبح خاضعا لمعاهدة  » افيان » الموقع في 1962 التي تنص على حرية التنقل بين
البلدين.
فاتفاق 1968 جاء لينظم اجراءات اتفاقية « افيان »، لتنظيم استقدام واستقبال وتسهيل اقامة العمال الذين احتاجت لهم فرنسا في
الثلاثينيات، وهذا الاتفاق تم تعديله عدة مرات، وهو يمنح تسهيلات مقارنة بالحق العام، كما في تعديل 1993 حيث بات
بإمكان الحاصل على شهادة اقامة المكوث 3 سنوات بدل 6 أشهر خارج البلاد قبل ان تبطل صلاحية الاقامة.
وبما ان الاتفاق الموقع في 1968 لا يتضمن اي فقرة بخصوص النقض، والتراجع عنه، فان القانون الدولي هو الذي ينظم
الخروج من الاتفاقية. فمعاهدة جنيف تمنح الحق بنقض أي اتفاق، شرط اجراء محادثات مع الطرف الآخر لتحديد إطار
قانوني لتنظيم الهجرة الجزائرية في فرنسا.
وجهة النظر المقابلة تعتبر ان الخروج من اتفاق 1968 لا يعني بتاتا العودة الى « معاهدة افيان »، كون اتفاق 1968 جاء
ليلغي او يعدل الاتفاق السابق، وبذلك تصبح العودة اليه باطلة. وفي ظل التساؤلات حول مصير المعاهدة في حال نقضها من
جانب واحد يقترح النائب شارل برودويل، بنقض الاتفاقية مؤقتا الى حين ايجاد إطار قانوني محدد، يكون بموجبها المهاجر
الجزائري بنفس مرتبة اي مهاجر آخر.
الجدير بالذكر أن السفير السابق لدى الجزائر عمل كثيرا على هذه الاتفاقية وكان من اهم المطالبين بإعادة صياغتها إذ يعتبر
ان اتفاق 1968 ليس مكملا لاتفاق 1962 افيان، لأنه قلل من امتيازات هذا الاخير، لان أحكام هذه الاتفاق كانت أكثر تقييدا
لتنقل واستقرار الجزائريين في فرنسا.
وزارة الخارجية الفرنسية اعتبرت من جهتها، ان هذا التصويت لا يتمتع بأي ثقل قانوني، وان الحكومة اخطرت البرلمان
معارضتها له وان الموقف الرسمي هو الطلب بإعادة مناقشة هذه الاتفاقية. وموقف الحكومة هو التعاون الامني وتكثيف
التعاون منذ تولي لوران نونيز وزارة الداخلية. وهو كان صرح عن تقدم في العلاقات بين البلدين وان نقض الاتفاقية ليس
على اي اجندة.
فيما رأى بعض المحللين ان الحسابات التكتيكية بهذا التصويت الذي لن يغير شيئا في الواقع الا بقرار رئاسي، والحكومة
عبرت عن رأيها بذلك، لكن الاصطفافات السياسية، تكشف عن تبادل في الاصوات حيث صوت الجمهوريين لصالح نص
اليمين المتطرف، ما قد يوحي انه في حال التقدم بحجب الثقة مستقبلا حصول الجمهوريين على اصوات اقصى اليمين الذي
امتنع حتى الآن عن التصويت على حجب الثقة.
