من كابوس 2024 إلى أمل 2025… مفترق طرق اقتصادي بين لبنان وسورية

يمر لبنان بمرحلة حرجة من تاريخه، حيث يعاني أزمات اقتصادية ومالية وسياسية متشابكة تهدد استقراره وتنميته المستدامة. فمنذ سنوات، فقدت الدولة اللبنانية الكثير من مقومات الاستقرار، ما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي، وتراجع الثقة بين المواطنين والمؤسسات الحكومية، إلى جانب تداعيات الأزمات الأمنية الإقليمية والمحلية. في ظل هذه الظروف، تظل استعادة الثقة وإعادة بناء المؤسسات هما المفتاح الأهم لاستعادة لبنان مكانته في المجتمع الدولي وتحفيز الاستثمار والنمو.

تتمثل أبرز التحديات التي تواجه لبنان في ضرورة تنفيذ إصلاحات جذرية على الصعيدين الاقتصادي والمالي، لضمان استقرار القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية. ويعد وجود بيئة قانونية ومؤسسية مستقرة، تعمل على حماية الاستثمارات وتوفير الحوافز للنمو، من العوامل الأساسية التي يجب العمل عليها بجدية. كما أن إعادة بناء العلاقات مع الدول الجارة وتعزيز التعاون الاقتصادي معها يشكل أحد الحلول الممكنة لإعادة تفعيل التبادل التجاري وتنشيط الاقتصاد اللبناني.

وفي الوقت الذي تبدو فيه الصورة قاتمة من خلال الأزمات المستمرة، إلا أن هناك فرصة حقيقية لتغيير مسار لبنان إذا ما تم التعامل مع هذه التحديات بشكل استراتيجي ومنظم. هذا يتطلب تكاتف الجهود بين القطاعين العام والخاص، وتنفيذ إصلاحات حقيقية، فضلاً عن بناء مؤسسات قوية قادرة على مواجهة الأزمات المستقبلية.

كما أن للأحداث الأخيرة في سورية والحرب الأخيرة التي شهدها لبنان شكلت محطات مفصلية في تاريخ لبنان الحديث، إذ كانت لهما تأثيرات عميقة على الواقعين السياسي والاقتصادي في البلاد. ففي عام 2011، اندلعت الأزمة السورية التي سرعان ما تحولت إلى حرب أهلية، مما أدى إلى تداعيات كبيرة على لبنان، ولا سيما على المستوى الأمني والإنساني. فقد أصبح لبنان ساحة لتداعيات الأزمة السورية، سواء من خلال استقبال أعداد ضخمة من اللاجئين السوريين أو عبر التأثيرات الأمنية الناتجة عن النزاع المسلح عبر الحدود.

علاوة على ذلك، ساهمت التطورات السياسية في سورية في تعميق الانقسامات الداخلية في لبنان، حيث تداخلت المصالح الإقليمية والدولية، مما أضاف أعباء إضافية على اللبنانيين. ما يواجهه لبنان اليوم من تحديات مرتبط بشكل كبير بتلك الحقبات المؤلمة، حيث يجب أن يعمل لبنان على تجاوز هذه الجروح التاريخية، من خلال بناء مؤسسات قوية ومستقلة، وتعزيز ثقافة الحوار والتعايش بين جميع https://www.alaraby.com/