
بقلم المحامي كارول سابا
هذه الكلمات كتبتها حرفيا في ٢٢ حزيران ٢٠٢٢ ولا زالت تصلح لهذا اليوم مع الفرق الاساسي ان لدينا اليوم رئيس مِغوار وحكيم وربما رئيس وزارة قاضي دولي له مصداقية.
لبنان بحاجَة اليوم الى حكومة « وضع النقاط على الحروف » اليوم، اليوم، وليس غداً ! ليس صحيحاً اننا بين هلالين : اي بين ١) حكومة الرئيس ميقاتي وتجديد اللاثقة بها (وهي التي جارَت بأمور عدة على حقوق المودعين واللبنانيين ولم تُرَسِّم الحدود البحرية كما يجب مفرطة بحقوق الللبنانيين وثرواتهم، وتمادَت، تحت غطاء ان من فيها او يُشيرها يعلم بمسارات صندوق النقد وعمليات الانقاذ الاقتصادي، بالتعمية على المسؤوليات القانونية، بالاخص في ملف المودعين وصندوق النقد وخطة التعافي ووو) وبين ٢) انتخاب رئيس جمهورية الذي مهما كان، لن يُغيِّر شيء بالمعادلة الانقاذيّة إن لم تبدأ اليوم …
كفى إضاعة للوقت، ولاموال وثروات الللبنانيين والتفريط بمستقبل اولادهم ! في بلد ينهار وصلت تنكة البنزين فيه الى ٧٠٠٠٠٠٠ ليرة، ولا كهرباء فيه ولا طاقة، وكل القطاعات الرسمية والإقتصادية تنهار ساعة بعد ساعة، نحن بحاحة اليوم، اليوم وليس غدا، الى حكومة انقاذ فيها مصداقية وطنية ودولية ويكون رئيسها، وليس على مقياس صداقات ميقاتي ماكرون، بل على اساس مصداقية مؤسساتية وطنية قائمة ليس على المصالح بل على المبادىء الوطنية الصُحِّية والصَحيحة.
اين القيادات الوطنية لتعلية الصوت ؟ اين النخب ؟ اين القيادات الدينية التي عليها ان تهب لا لتوصيف الوضع السيء، من على المنابر والمحارب، بل لوضع خطة انقاذية مع قيادات المجتمع المدني السليمة، تمنع التمادي في الخطىء والضرر الذي يقوم به من فَرضوا حوكمتهم علينا بفعل القوة والسلاح فنهبوا مقدراتنا وصاروا وحالول بالفساد والنهب، ويريدون اليوم تحميلنا وزر ما قاموا به من سوء قتلوا فيه الرجاء في قلوب اللبنانيين ! كفى !
في هذا الاطار، التوجه الذي يدعم ويُراكم تسمية نواف سلام، مُهم واساسي. وصول نواف ضروري وسيكون مِفصلي ونقطة تحول اساسية، ان لم يكن لوضع اسس الانقاذ، أقله في إدارة الازمة بشكل جيد لا يَزيد انقساماً على انقسام، مُحاصصة على مُحاصصة، سوء على سوء، وضرر على ضرر. ومناهج الانقاذ هذه تتطلب الخروج من مقاييس خطط التعافي الجائِرة للحكومتين السابقتين (ر. دياب و ر. ميقاتي) التي لا تستند الا على منطق المُحاصصة والتَعمية على المسؤوليات القانونية والسياسية. سياسة عطيني تأعطيك. كفى!
لا بد من تنقية الرؤية للولوج لحلول انقاذية من خارج الصندوق ( out of the box) ومن خارج صندوق المنظومة ! كما كثيرين، نحن نعمل مع مجموعة قانونيين لبنانيين (في النقابة وخارجها) على تنقية الرؤيا والرؤية القانونية، وبالتالي ضرورة وضع خطة طريق قانونية مالية انقاذية تُخرج خطة التعافي من ايدي المنظومة ومن منطق المحاصصة بتحميل الخسائر للاخرين، ومن منطق عفى الله عن ما مضى ! لا بد من قراءة مقالة صديقي الدكتور باسكال ضاهر اليوم في النهار في هذا الاطار. انها قيِّمة.
الكل يعمل الى اليوم بجزئية لا تَنقَى الى كُلِّيَة الموقف الوطني المطلوب، والوضع المتأزم معيشيا واجتماعيا، الذي يتطلب خطة طوارىء وخطة طريق وطنية واضحة المعالم كاملة متكاملة تُعطي ١) التوصيف الصحيح (كما في المقال اليوم في النهار) و ٢) تحدد هيكلة المسؤوليات المثلثة الاضلع (الدولة، مصرف لبنان والمصارف) وتبعد المودع عن هرطقة المشاركة في الخسائر (اي سرقة المودع مرة ثانية من نفس المنظومة التي نهبت اموال المودعين) وتُباشِر بخطة انقاذية مالية اقتصادية انطلاقا من هنا. مخاطبة المجتمع والمؤسسات الدولية يتطلب الوضوح الكلي والخروج من الجزئيات …
وصول نواف بما له من علم ومصداقية، الى رئاسة الحكومة وعملنا كل في موقعه ومن خلال جهده واجتهاداته، لمواكبة عمله سيكون مِفصلي ونقطة تحوُّل وهذا لا يجب ان يُفهم بطرقية عدائية لاي فريق. فكل الافرقاء اليوم بأزمة … هناك من هم غاطسين في الفساد والتخلية من القيم والمقاييس ولكن هناك قوى في الضفتين ترى ان الامور لا يمكن ان تستمر هكذا اي بالتعمية …
واذا خُيِّر لي ان انصح نواف، اذا تمت تسميته، لشعار حكومته، فيجب ان يكون التالي: « حكومة وضع النقاط على الحروف » !
نعم وضع النقاط على الحروف، لانه صار الوقت للخروج من الازمة، وليس التمديد لحكومات الازمة. التحول الوطني والتغيير يبدأ من هنا !
لبنان ثروة إنسانية ومادية وفكرية لا خوف عليها ! والطاقات (الفكرية والمالية والذكائية الخ ) كثيرة وكبيرة ووافرة ! وكلنا مستعدة للمساعدة اذا تم تصويب البوصلة الوطنية ! المطلوب اليوم تجميع الطاقات والنخب حول التعافي الصحيح !
أرزك من ارز الرب، خلود من خلود، لا تقوى عليه شدة !