كتاب مفتوح للأمين العام لهيئة الأمم المتحدة وجميع دول مجلس الأمن المحترمين،
إن قرارات مجلس الأمن التي تدين الاعتداءات الإسرائيلية، متراكمة منذ عقود. جميعها يؤكد على عدوانية الدولة التياعترفت بها الأمم المتحدة، فلتتحمل مسؤولية عدوان الكيان الذي أنشأته على أرض فلسطين بحق الفلسطينيين. تعود هذه القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الى سنة 1948، وتدين اعتداءات الجانب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، دونسعي مجلس الأمن لتطبيقها. إن هذه القرارات غير المطبقة تتضمن أدلة قاطعة على أن هذه الدولة المستحدثة مارستالإرهاب دون عقاب. ونورد فيما يلي قرارات مجلس الأمن غير المطبقة:
اغتيال وسيط الأمم المتحدة في فلسطين:
قرار رقم 57 صدر بتاريخ 18 سبتمبر 1948 أعرب فيه مجلس الأمن عن الصدمة العنيفة لاغتيال الكونت فولك برنادوت، نتيجة عمل جبان اقترفته جماعة مجرمة من الإرهابيين في القدس. قرار رقم 59 صدر بتاريخ 19 أكتوبر 1948 أعرب فيه مجلس الأمن عن قلقه لعدم تقديم إسرائيل تقريراً عن اغتيال الكونت برنادوت وإقرار واجب الحكومات في التعاون مع موظفي هيئة الرقابة. اليوم إسرائيل تهدد بطريقة غير مباشرة امين عام الأمم المتحدة الحالي وتعلن أنه « غير مرغوب فيه في إسرائيل ».
عمل الاغتيال هو إرهابي.
العدوان الإسرائيلي المتكرر وجرائم الحرب المرتكبة في القرى والبلدات في فلسطين ومحيطها:
قرار رقم 101 صدر بتاريخ 24 نوفمبر 1953 وفيه يدين مجلس الأمن هجوم إسرائيل على قرية قبية بتاريخ 14-15 أكتوبر 1953. قرار رقم 248 صدر في عام 1968 بتاريخ 24 مارس والذي يدين فيه الهجوم العسكري الإسرائيلي الواسع النطاق والمتعمّد ضد الأردن والذي نتج عنه معركة الكرامة. قرار رقم 249 الصادر في عام 1968 بتاريخ 16 أغسطس يدين فيه الهجوم العسكري الإسرائيلي على الأردن السلط حيث حدث هجومين جويين كثيفين. قرار رقم 265 لعام 1969 بتاريخ 1 أبريل والذي دان الهجوم الإسرائيلي المدني المتعمّد على القرى الأردنية والمناطق الآهلة وتكرار هذا الهجوم السلط. قرار رقم 317 لعام 1972 بتاريخ 21 يوليو حيث أعرب مجلس الأمن فيه عن أسفه لتخلف إسرائيل عن إعادة رجال الجيش والأمن السوريين واللبنانيين المخطوفين ودعوتها إلى إعادتهم دون تأخير.
قرارات تؤكد على الهجوم الإرهابي العسكري الإسرائيلي طوال مدة لا تقل عن 20 عاما، على قرى فلسطينية وأردنية وتكبد خسائر كبيرة للمواطنين الفلسطينيين والأردنيين في بلدهم وممتلكاتهم وأرواحهم دون عقاب وتقوم بخطف رجال جيش وأمن سوريين ولبنانيين. في الوقت عينه وفي ظل أدلة الإرهاب والعدوان الإسرائيلي تدعي إسرائيل أنها في حال الدفاع عن النفس.
انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة وحق العودة للفلسطينيين إلى بلدهم
قرار رقم 194 صدر بتاريخ 11 ديسمبر 1948 وتكمن أهمية القرار في توثيق حق العودة، أي أن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وممتلكاتهم هي حق لهم، وأن عودتهم تتوقف على اختيارهم الحر هم وحدهم. وهذا القرار لم يطبّق، بل على العكس ما زالت اسرائيل تهجّر الفلسطينيين من قراهم وبيوتهم وممتلكاتهم بالقوّة. فمنع الفلسطينيين من العودة إلى بيوتهم وممتلكاتهم والتعدّي على أرضهم وبيوتهم وأبنائهم واعتقالهم لتمسّكهم بحقوقهم وبقرارات مجلس الأمن هو عمل إرهابي بامتياز.
قرار رقم 237 صدر في عام 1967 بتاريخ 14 يونيو وفيه يدعو مجلس الأمن إسرائيل إلى احترام حقوق الإنسان في المناطق التي تأثرت بصراع الشرق الأوسط 1967 حيث يأخذ بعين الاعتبار الحاجة الملحة إلى رفع المزيد من الآلام عن السكان المدنيين وأسرى الحرب في منطقة النزاع في الشرق الأوسط. عدم احترام حقوق الإنسان هو تعدٍّ إسرائيليوليس دفاعاً عن النفس وقد يرقى إلى جرائم حرب.
قرار رقم 242 صدر في سنة 1967 كنتيجة لاحتلال إسرائيل الضفة الغربية ومرتفعات الجولان وغزة وسيناء حيث ورد فيه ضرورة انسحاب القوات المحتلة من الأراضي التي احتلتها في الصراع الأخير (حرب 1967). لماذا لم يطبق هذا القرار بعد؟ لو طبق هذا القرار لما وصلنا الى ما نحن عليه. لذلك يجدر تحميل إسرائيل مسؤولية كل ما يجري في المنطقة وعدم انضباط إسرائيل بأي من القرارات الشرعية. ولا يجب أن يسمح لها ان تطالب بأي شيء مختبئة وراء العباءة الأميركية، التي تتحمّل مسؤولية عدم انضباط إسرائيل أمام الفلسطينيين واللبنانيين والمجتمع الدولي. انّ عدمالانسحاب القوات المحتلة من الأراضي في ظل عدم احترام حقوق الإنسان هو تعد متعمد للاحتلالوليس دفاعا عن النفس وقد يرقى إلى جرائم حرب.
حرق المسجد الأقصى – من أكبر جرائم الإرهاب دولياً
قرار رقم 271 لعام 1969 بتاريخ 15 سبتمبر يدين إسرائيل لحرق المسجد الأقصى في يوم 21 أغسطس من سنة 1969 ويدعو فيه إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير وضع القدس. أليس قرار مجلس الأمن دليل على اعمال إسرائيل الإرهابية عندما تحرق مسجدا وكيف إذا كان المسجد الأقصى؟ وماذا عن انتهاك هذا القرار باتخاذ الإجراءات التي من شأنها تغيير وضع القدس واستفزازي جميع المؤمنين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة لا سيما في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية؟ أليست من مسؤوليات دول مجلس الأمن تطبيق هذا القرار الذيأدى إلى اندلاع الحرب التي نحن فيها اليوم؟
ليست هذه آخر القرارات ولا الانتهاكات الإسرائيلية ولا التعدي على أراضي عربية لكننا سنعود إلى تلك القرارات لاحقاونتوجه اليوم إلى المجتمع الدولي حول ما يدور في لبنان بعد غزة.
احتلال لبنان والانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية بسبب وجود المقاومة وليس إنجازاً للأمم المتحدة:
فبعد ان تعدّت إسرائيل على لبنان بهدف تطوير أهدافها ومطامعها في مياه لبنان وأرضه، كان قرار رقم 425 سنة 1978 حين صدر نتيجة عملية الليطاني، وبعد استيلاء إسرائيل على مناطق في جنوب لبنان، وذلك لإحداث انسحاب إسرائيلي وإقامة منطقة عازلة خالية من الفدائيين في جنوب لبنان. دعا القرار إسرائيل إلى الانسحاب، وإلى إقامة قوة مؤقتة تابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفل). قرار كان مصيره كباقي زملائه من القرارات غير المطبّقة لولا مقاومة منأهل الجنوب أصحاب الأرض والممتلكات الذين شكلوا المقاومة. تأخرت إسرائيل أكثر من 20 سنة لتطبيق قرارالانسحاب من الأراضي اللبنانية لولا شراسة المقاومة اللبنانية التي أعادت الأرض إلى أصحابها.
لم تتمكن الامم المتحدة من تأمين تطبيق القرارات الدولية من جهة إسرائيل، كما هو موثّق أعلاه، باستثناء قرار 425 حيث وُجدت المقاومة لتطبيقه. فتعود اليوم إسرائيل مدجّجة بالسلاح المقدّم لها من دول مجلس الأمن لفرض احتلالجديد في الأراضي اللبنانية بعد ارتكابها مجازر ترتقي إلى جرائم حرب وإبادة في غزة دون أن يتمكن مجلس الأمنومنظومة الأمن
الدولية من وقف القتال والتعديات طوال مدة عام كامل ولتاريخه.
فلماذا لا يخجل المجتمع الدولي من عدم إمكانه فرض تطبيق القرارات الاّ على لبنان؟ لماذا لا يطلب من إسرائيل فوراًالامتثال للقرارات الدولية ودفع التعويضات عن التأخير وفق القانون الدولي؟ لماذا اضطّر لبنان تحمّل أعباء وجود مقاومة مسلحة، تريد تحصيل أرض أهلها، وتكوين قدرة الدفاع عن النفس لردع التعديات الإسرائيلية المتوقّعة على القرى اللبنانيّة، كما تعدّت سابقاً على الدول المجاورة والعربية كما هو موثّق في القرارات الدولية. فلو كانت إسرائيل تمتثلللقرارات الدولية لما احتاج اللبنانيّون ولا الفلسطينيين لأي مقاومة، بل لحصلوا على الأمن والاستقرار وتمتعوا بالعيشالكريم وصون كرامتهم في قراهم وممتلكاتهم. وهذه حتماً مسؤولية كل دولة في مجلس الأمن.
لقد نصّت اتفاقية جنيف على منع الإبادة ومحاسبة مرتكبيها، كواجب دولي للدول الموقعّة للمعاهدة. لم تحرّك دولمجلس الأمن ساكناً لتطبيق اتفاقية جنيف في غزة. بل على العكس، فلقد قاموا بتسليح المرتكب، دولة إسرائيل، وحاربواكل الجهات التي تعاطفت مع أهل غزة المدنيين، وحاولت منع الإبادة، ومنها مجموعات المقاومة في اليمن، لبنان، العراق،وسورية. كما أخذت إسرائيل ذريعة للتعدّي على القنصلية الإيرانية في سوريا لبدء حربٍ شنيعةٍ في المنطقة، قد تحاكي طموح الإدارة الأميركية غير المعلنة. بينما المطلوب من دول مجلس الأمن هو تأمين « الأمن » وفق واجباتها في شرعةالأمم المتحدة. ولقد أكدت الجهات المقاومة أنها سند لغزة ولم تكترث دول مجلس الأمن لمنع الإبادة ووقف الحرب، أم أنها عجزت أمام مصالحها الخاصة على حساب مصلحة العالم.
لقد اتخذت الجمعية العامة في الأمم المتحدة قراراً في 18سبتمبر من هذا العام – 2024م، لم يعارضه إلا 7% من الأصوات، طالبة من إسرائيل تطبيق القرارات الدولية والانسحاب التام من الأراضي الفلسطينية المحتلة واحترام القانون الدولي. فلماذا لم يتم تطبيقه، فما هو أهم من حقن دماء الأطفال؟
فهل يحق لهذا المجتمع الدولي أن يطالب لبنان بتطبيق أي قرار ( (1701 بدلاً من أن يدين إسرائيل ويطالبها بتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن المتراكمة بحقها فورا؟
فهل إرهاب إسرائيل أقوى من دول مجلس الأمن؟
أم أن العالم يشهد تمييزاً عنصرياً في طريقة تنفيذ قرارات مجلس الأمن أيضا؟
ماريون ستيفاني كارتر،
أكتوبر ٢٠، ٢٠٢٤
***